وأما قوله: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) «١» فهو متعلق بمحذوف، ألا ترى أنه ليس في هذا الكلام فعل ظاهر يجوز أن يتعلق الظرف به، فإذا كان كذلك تعلق بما دل عليه قوله: (فَهُمْ يُوزَعُونَ)، كما أن قوله، (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) «٢» الظرف فيه كذلك، وكذلك قوله: (يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) «٣»، لأن الظرف من حيث كان مستقبلاً كان بمنزلة «إذا»، ومن ثم أجيب بالفاء كما يجاب «إذا» بها.
وأما قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) «٤».
فقد تكون مثل التي تقدمت، ألا ترى أن قوله: (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا) «٥» ماض، كما أن قوله: (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) «٦» كذلك، و «ندعو» مستقبل، كما أن (يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ) «٧» كذلك، فتجعل الظرف بمنزلة «إذا» كما جعلته ثم بمنزلته، فيصير التقدير: يوم ندعو كل أناس بإمامهم لم يظلموا، أو عدل عليهم، ونحوه.
ومن ذلك قوله: (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) «٨»، القول فيه:
إن ذلك إشارة إلى النقر، كأنه قال: فذلك النقر يومئذ يوم عسير، أي:
نقر يوم عسير، فقوله «يومئذ»، على هذا متعلق بذلك، لأنه في المعنى مصدر وفيه معنى الفعل، فلا يمتنع أن يعمل في الظرف كما عمل في الحال، ويجوز أن يكون «يومئذ» ظرفاً لقوله «يوم»، ويكون «يومئذ» بمنزلة «حينئذ»، ولا يكون
(٢) المؤمنون: ٨٢.
(٣) سبأ: ٧.
(٤) الإسراء: ٧١.
(٥) الإسراء: ٧٠.
(٦) فصلت: ١٨.
(٨) المدثر: ٨، ٩.