ومنه قوله تعالى: (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) «١». إن نصبت «أربعين» ب «يتيهون» كان من هذا الباب، وهو الصحيح.
وقيل: بل هو متعلق ب «محرمة»، والتحريم كان على التأبيد.
ومن ذلك (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «٢» فيمن رفع «المثل» أنه صفة لل «جزاء»، والمعنى: فعليه جزاء من النعم يماثل المقتول، والتقدير: فعليه جزاء وفاء اللازم له، أو: فالواجب عليه جزاء من النعم مماثل ما قتل من الصيد.
ف «من النعم» على هذه القراءة صفة للنكرة التي هي «جزاء» وفيه ذكره، ويكون «مثل» صفة ل «الجزاء»، لأن المعنى: عليه جزاء مماثل للمقتول من الصيد من النعم، والمماثلة في القيمة أو الخلقة، على حسب اختلاف الفقهاء في ذلك.
ولا يجوز أن يكون قوله: «من النعم» على هذا متعلقاً في المصدر، كما جاز أن يكون الجار متعلقاً به في قوله: (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) «٣»، لأنك قد وصفت الموصول، وإذا وصفته لم يجز أن تعلق به بعد الوصف شيئاً كالعطف في التأكيد.
وقيل: قوله: «من النعم» من صلة «ما قتل» وليس بوصف لل «جزاء».
وقيل: هو من صلة «يحكم» وإن تقدم عليه والجزاء يقوم في أقرب المواضع إلى القاتل عند أبي حنيفة، وعند الشافعي الجزاء من النظير، ولو كان من النظير لم يقل (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) «٤» ولم يعطف عليه (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) «٥»، لأن ذلك إلى الحكمين، والنظير لا يحتاج فيه إلى ذلك.
(٥- ٤- ٢) المائدة: ٩٥.
(٣) يونس: ٢٧.