المعنى على هذا للقول: أو حرمنا عليهم شحومهما، أو الحوايا، أو ما اختلط بعظم، إلا ما حملت ظهورهما فإنه غير محرم، ودخلت «أو» على طريق الإباحة.
ومن ذلك قوله: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) «١».
قال مجاهد: فيه تقديم وتأخير، والتقدير: لآتينهم من بين أيديهم وعن أيمانهم حيث ينظرون، ومن خلفهم وعن شمائلهم من حيث لا ينظرون.
وقال أبو علي: أي: أسول لهم تسويلاً وأغويهم إغواء أكون به كالغالب لهم المستولي عليهم، لأن من أوتي من هذه الجهات فقد أحيط به، ومن أحيط به فقد استولى عليه.
وقيل: من بين أيديهم أشككهم في أخراهم، ومن خلفهم أرغبهم في دنياهم، وعن أيمانهم، أي: من قبل حسناتهم، وعن شمائلهم: من قبل سيئاتهم. عن ابن عباس.
ويقال: لم دخلت «من» فى الخلف والقدام، و «عن» في اليمين والشمائل؟
والجواب: لأن في الخلف والقدام معنى طلب النهاية، وفي اليمين والشمال الانحراف.
قال أبو عيسى: لم يقل: «من فوقهم»، لأن رحمة الله تنزل عليهم من فوقهم ولم يقل: «من تحت أرجلهم»، لأن الإتيان منه موحش.