ومن ذلك قول الفراء في قوله: (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) «١» قال: وعذبناها في الدنيا وحاسبناها في الآخرة وأما قوله: (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) «٢» فإن الجار يجوز تعلقه بشيئين: بالأخذ والعزة فإن علقته ب «الأخذ» كان المعنى: أخذه بما يؤثم، أي: أخذه بما يكسبه ذلك. والمعنى، أنه للعزة يرتكب ما لا ينبغي أن يرتكبه بما يؤثمه. وكأن العزة حملته على ذلك وقلة الخشوع.
وقد يكون المعنى الاعتزاز بالإثم، أي: مما يعتز بإثمه فيبعده مما يرضاه الله.
ومن ذلك قوله: (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) «٣». قال أبو الحسن:
عني به الشياطين.
وقوله: (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) «٤»، عني به الناس.
الطبري: هذا المخالف لقول جميع أهل التأويل، لأنهم مجمعون أن قوله (وَلَقَدْ عَلِمُوا) «٥» يعني به اليهود دون الشياطين، وهو خلاف ما دل عليه التنزيل، لأن الآيات قبل قوله وبعد قوله: (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) «٦» جاءت بذم اليهود، فقوله (لَمَنِ اشْتَراهُ) «٧» مثله، ومعناه التقديم، والتقدير:
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون. ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق.
وقال بعضهم: نفي عنهم العلم بعد أن أثبته لهم لأنهم علموا ولم يعلموا.
(٢) البقرة: ٢٠٦.
(٧- ٦- ٥- ٤- ٣) البقرة: ١٠٢.