المحض فلا يعمل ما بعد «إن» فيما قبل «إن»، سواء كان ظرفاً أو اسماً محضا، فعلى هذا قوله: (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) «١»، لا يتأتى إعمال قوله «في شأن» في قوله:
«كل يوم» على قول الحارثي، وإن كان ظرفاً، لأن الظرف والاسم الصريح عنده سيان، فجاء من هذا أن قوله: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) «٢» كقولهم: زيداً أجله أحرز، فتنصب «زيدا» ب «أحرز»، للفصل بين المعمول والعامل بالمبتدأ، وهو أجنبي، وكما لا يجوز: زيداً أجله أحرز، وجب ألا يجوز «كل يوم هو في شأن» أن تنصب «كل» ب «في شأن». لأنه مثل «أجله» في المسألة، فلهذا اضطرب كلام الأستاذ وغلامه فيما أنبأناك به. والله أعلم.
وأما قوله: (وَثَمُودَ فَما أَبْقى) «٣» فتحمله على مضمر، أو على قوله:
(أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) «٤»، لا تحمله على «أبقى».
ومثل الآي المتقدم ذكرها:
(يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) «٥» لا تحمله على قوله «إنا منتقمون» لما ذكرنا، وإنما تحمله على مضمر. وأما قوله:
رأسها ما تقنع
فالنصب على أن يكون مفعول «تقنع» على هذه القاعدة خطأ، والصحيح رواية من رواه بالرفع على تقدير: ورأسها ما تقنعه، فحذف الهاء. كقراءة ابن عامر: (وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) «٦» أي: وعده الله.
ومن ذلك قوله: (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) «٧» «فبصائر» حال من «هؤلاء»، وقد أخّره عن الاستثناء.

(٢- ١) الرحمن: ٢٩.
(٣) النجم: ٥١.
(٤) النجم: ٥٠.
(٥) الدخان: ١٦. [.....]
(٦) النساء: ٩٥.
(٧) الإسراء: ١٠٢.


الصفحة التالية
Icon