فأما من شدد فقال: «أمن هو قانت»، فالتقدير: الكافر الجاحد خير أمن هو قانت؟ كقوله: (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) «١»، والتقدير: أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار؟
ومن ذلك قوله: (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ) «٢»، قوله «إلا الله» بدل من موضع الجار والمجرور، والخبر مضمر، والتقدير: ما من إله في الوجود إلا الله، كقوله: (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ)، «٣» فليس الرفع محمولاً على الوصف للمجرور، لأن الأكثر في الاستثناء والبدل دون الوصف.
وأما قوله تعالى: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) «٤»، ف «الذين يلمزون» مبتدأ، وخبره (سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ) «٥». ومن نصب «زيداً مررت به» كان «الذين» منصوباً عنده، ولا يكون (فَيَسْخَرُونَ) «٦» خبره، لأن لمزهم للمطوعين لا يجب عنه سخريتهم بهم، كما أن الإنفاق يجب عنه الأجر في قوله: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) «٧» إلى قوله: (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) «٨»، وإذا لم يجب عنه كان «فيسخرون» عطفاً على «يلمزون»، أو على «يجدون»، وموضع (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ) «٩» جر تابع ل «المؤمنين»، أو نصب تابع ل «المطوعين»، للفصل بين الصلة والموصول، أي: يعينون في إخراج الصدقات لقلتها، ومنه قوله: (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) «١٠»، ومنه قوله: (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) «١١»، أي: فله نزل من حميم، وفي الظرف ذكر من الموصوف.

(١) ص: ٦٣.
(٢) آل عمران: ٦٢.
(٣) الصافات: ٣٥.
(٩- ٦- ٥- ٤) التوبة: ٧٩.
(٨- ٧) البقرة: ٢٧٤.
(١٠) الواقعة: ٨٩.
(١١) الواقعة: ٩٣.


الصفحة التالية
Icon