حكى سيبويه إن هذه النون قد لا تلزم المستقبل في القسم، فيقال:
والله لتفعل، وهم يريدون: لتفعلن.
قال: إلا أن الأكثر على ألسنتهم ما أعلمتك، يعني من دخول النون، ولا ينبغي أن نقول: إن هذه اللام هي التي في «لتفعلن» فتحمل الآي التي تلوناها على الأقل في الكلام، على أن هذه اللام لو كانت هذه التي ذكرنا أنها للقسم، وتدخل على الفعل المستقبل والماضي، لم تدخل على الأسماء، مثل:
(إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) «١» و «إن قتلت لفارسا»، لأن تلك تختص بالدخول على الفعل الماضي أو المستقبل المقسم عليه، أو ما يتصل بهما، نحو «إلى» من قوله: (لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) «٢». والدليل على ذلك أنها لا تعلق الأفعال الملغاة قبل «إن» إذا وقعت/ في خبرها، كما تعلقها التي تدخل على الأسماء. فقد ثبت بما ذكرنا أن هذه اللام الداخلة على خبر «إن» المخففة التي تدخل في خبر «إن» المشددة، ولا هي التي تدخل على الفعل المستقبل والماضي في القسم، لكنها تلزم «إن» هذه لتفصل بينها وبين التي بمعنى «ما» النافية، ولو أدخلت شيئاً من الأفعال المعلقة على «إن» المكسورة المخففة من الثقيلة، وقد نصبت واللام في خبرها. لم تعلق الفعل قبلها من أجل اللام، كما تعلقه مع لام الابتداء، لأن هذه اللام قد ثبت أنها ليست تلك، فإذا لم تكن تلك لم تعلق الفعل الملغى كما تعلقه لام الابتداء.
فهذه حقيقة «إن» هذه المخففة واللام التي تلحق معها عندي، ويدل على أن هذه اللام ليست التي للابتداء أن تلك تدخل على الخبر نفسه التي

(١) يونس: ٢٩.
(٢) آل عمران: ١٥٨.


الصفحة التالية
Icon