«ليس» على أن فيه ضمير القصة والحديث، لما كان، لا يرى في هذا التأويل، من إدخال «إلا» بين المبتدأ والخبر، فلا مساغ لتثقيل «لما» في هذه الآية على/ انه يكون بمنزلة «إلا».
فأما ما قاله الفراء من قوله: إن هي لمن ما، ثم حذفت إحدى الميمات لكثرتهن، فلا تخلو «ما» هذه التي قدرها هاهنا من أن تكون زائدة أو موصولة، فلا يسهل أن تكون موصولة، لأن التقدير يكون: لمن الذين هم جميع لدينا محضرون.
وقلت: قولي «هم جميع لدينا» صلة «الذين»، و «الذين» مع صلته بمنزلة اسم واحد في صلة «من»، و «محضرون» خبر «ما» الذي بمعنى «الذي»، والاسم وخبره صلة «من»، فقولك غير جائز، لأن «من» على هذا لم يرجع من صلته إلى شيء، فهذا التقدير في هذه الآية غير متأت.
وأما قوله: (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) «١»، فلا يجوز فيه ذلك أيضاً، ألا ترى أنك إن قدرت «ما» زائدة، كان المعنى: وزخرفاً «٢» وإن كل ذلك متاع الحياة الدنيا. و «الزخرف» وما قبله من المذكور لا يكون من في المعنى، فلا يكون من المتاع. فهذا قول ساقط مستكره لانكساره وتجويز مالا يجاز فيه، حيث يوجد لتأويله مجاز، وإن كان غير هذا الوجه من حذف الحرف من «من»، وحذفه غير سائغ، لأن أقصى أحوالها أن تكون كالمتمكنة، والمتمكنة إذا كانت على حرفين لم تحذف، إنما تحذف من الثلاثة لتصير على حرفين، فإذا بلغ ذلك لم يكن بعده موضع حذف، هذا على «إن» من غير متمكنة، والحذف فيها وفي ضربها غير موجود.

(١) الزخرف: ٣٥.
(٢) بدء الآية، والآية (وزخرفا وإن).


الصفحة التالية
Icon