عليها «ما» فهيأتها للدخول على ما كان يمتنع دخولها عليه قبل لحاق «ما» لها، ونظير ذلك: إنما أنذركم بالوحي، ولعلما أنت حالم، وما أشبهه، وربما أوفيت.
ألا ترى أنها هيأت الحرف للدخول على الفعل، فكأنه في التقدير:
إن كل نفس لما عليها، أي: ليس كل نفس إلا عليها حافظ، نفياً لقول من قال: كل نفس ليس عليها حافظ، أي: كل نفس عليها حافظ.
ف «إن» على هذا التقدير تكون النافية الكائنة بمعنى «ما»، والقراءة بالتثقيل على هذا تطابق القراءة بالتخفيف، لأن المعنى يؤول إلى: كل نفس عليها حافظ، مثل قوله: (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ) «١» إلا أنه أكد ب «إن»، والقراءة بالتخفيف «لما» أسهل مأخذاً وأقرب متناولاً.
وأما تقدير قوله: (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) «٢» كأنه قيل:
كل ما جميع لدينا محضرون، على ما كانوا ينكرونه من أمر البعث حتى حمل عظيم إلى النبي- صلى الله عليه وعلى آله- فقيل له: أترى الله يحيي هذا بعد ما رم؟ وكما حكي في التنزيل من قولهم: (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) «٣» في كثير من الآي تحكي عنهم أنهم ينكرون فيها البعث، فقيل لهم: كل ما جميع لدينا محضرون، نفي لقولهم: كلهم ليس يجمعون عند الله ولا ينشرون.
(٢) يس: ٣٢.
(٣) المؤمنون: ٨٢. [.....]