فإن قلت: يكون الضمير عائداً على «الذين كذبوا»، وهو جمع.
قيل: هذا يبعد، لأن «الذين كذبوا بآياتنا» معلوم أنهم غير مؤمنين، فإذا لم يجز هذا ثبت أن الضمير يعود إلى «الدابر»، وإذا عاد إليه ثبت أنه جمع، و «الدابر» يجوز أن يكونوا مؤمنين، ويجوز أن يكونوا كافرين، مثل «الخلف»، ويصح الإخبار عنهم بأنهم كانوا مؤمنين.
ومن ذلك قوله: (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) «١» أي: الكفار، فيمن، أفرد أراد الجنس، ومنه: (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) «٢». أي:
على معصية ربه ظهيراً.
وأما قوله تعالى: (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) «٣». «فالفلك» اسم يقع على الواحد والجمع جميعاً.
قال في المفرد: (وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) «٤».
وقال في الجمع: (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) «٥». فقال:
«وجرين»، فجمع، وهو في الجمع مثل: أسد، وفي المفرد مثل: قفل.
ومن ذلك «أحد» في قوله: (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) «٦».
وقال: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) «٧». أي: أنفساً.
وقال: (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) «٨». أي: رفقاء.
وقال: (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا) «٩» أي: أطفالا.

(١) الرعد: ٤٢.
(٢) الفرقان: ٥٥.
(٣) البقرة: ١٦٤.
(٤) الشعراء: ١١٩.
(٥) يونس: ٢٢.
(٦) النساء: ١٥٢.
(٧) النساء: ٤.
(٨) النساء: ٦٩.
(٩) غافر: ٦٧. [.....]


الصفحة التالية
Icon