والثاني: ألا يتصل به شيء منه صار في جملته ولم يكن تفسيرا له كالذي قدّره سيبويه: أو عزت إليه بأن افعل.
والثالث: أن يكون ما قبلها كلاما تاما، لأنها وما بعدها جملة تفسر جملة قبلها، ومن أجل ذلك كان قوله: (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) «١» :
وآخر قولهم، «دعواهم» مبتدأ، و «آخر قولهم»، مبتدأ لا خبر معه، وهو غير تام، فلا يكون بعده «أن» بمعنى «أي».
وقوله تعالى: (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) «٢». ومعناه:
بأنك قد صدقت الرؤيا.
وأجاز الخليل أيضاً أن يكون على «أي»، لأن «ناديناه» كلام تام، ومعناه: قلنا: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا «٣».
ومن ذلك قوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ) «٤»، يكون بمعنى «أي»، ويكون بإضمار «الباء»، كما حكى الخليل: أرسل إليه بأنك ما أنت وذا.
وأما قوله: (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا) «٥»، فيمن زعم- وهو معمر- (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي) «٦» على إضمار القول، كأنه يراد به: قلنا أن لا تتخذوا، ولم يكن قوله هذا متجها، وذلك أن القول لا يخلو من أن تقع بعده جملة على معنى: يحكى، أو معنى جملة تعمل فى لفظه.
(٢) الصافات: ١٠٤ و ١٠٥.
(٣) البحر المحيط (٧: ٣٧٠).
(٤) إبراهيم: ٥.
(٦- ٥) الإسراء: ٢. [.....]