وأما قوله تعالى: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) «١» فإن جواب «إذا» قوله «تولوا» وليس الجواب «قلت» والتقدير في «قلت» أن يكون بحرف عطف، إلا أنك استغنيت عنه بتضمن الثانية الذكر مما في الأولى، بمنزلة/ قوله (رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ)، ألا ترى أن إفاضتهم الدمع إنما هو إياسهم من الخروج والتوجه نحو العدو لتعذر الظهور الحاملة لهم عليها.
وأما قوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا) «٢». فحمله أبو الحسن على حذف الواو، نهى بعد أمرٍ. وحمله الفراء على جواب الأمر، وفيه طرف من النهي، ومثله: (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ) «٣».
ومن ذلك قوله: (رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا) «٤»، أي:
وأنعم الله، فحذف الواو.
وقال الله تعالى: (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ) «٥»، أي: وقال.
ومن ذلك قال الفرّاء فى قوله: (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) «٦»، على إضمار الواو، كأنه: أو وهم قائلون، فحذفت الواو لاجتماع شيئين.
قال أبو علي: إنما قال هذا، لأن «أوهم قائلون» معطوف على «بياتا» الذي هو حال، فهذه الجملة إذا دخلت كانت مؤذنة بأن الجملة بعدها للحال
(٢) الأنفال: ٢٥.
(٣) النمل: ١٨.
(٤) المائدة: ٢٣.
(٥) القصص: ٧٩.
(٦) الأعراف: ٤.