ومن ذلك قوله: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) «١»، وقوله:
(وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) «٢» ولما كان مثلين من كلمتين استجازوا الإدغام كما استجازوه فى نحو: «ردّ»، و «مدّ». وقد قالوا: لم يضربها ملق، فامتنعوا من الإمالة لمكان المستعلى، وإن كان منفصلا، كما امتنعوا من إمالة «نافق»، ونحوه من المتصلة «٣».
ومن ذلك قوله: (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ) «٤» و (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا) «٥». فهذا بيانه نحوٌ من بيان سبب «تلك»، و «جعل لك» / إلا أنه أحسن من قوله:
الحمد لله العلي الأجلل
وبابه، لأن هذا إنما يظهر مثله في صورةٍ، وإظهار نحو «اقتتل» مستحسن، وعن غير ضرورةٍ، وكذلك قوله: (أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ) «٦» و (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) «٧» و (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) «٨» وما أشبه ذلك، وكذلك:
يضربونني، وهم يضربانني، أجرى مجرى: «يضربان نعمان» «ويشتمون نافعا» ووجه الشبه بينهما أن نون الإعراب هذه لا يلزم أن يكون بعدها نون الأتراك،
(٢) الفرقان: ١٠.
(٣) الألف تمال إذا كان بعدها حرف مكسور، مثل: عابد. كما تمال في نحو: يضربها لأن الهاء خفية والحرف الذي قبل الحرف الذي يليه مكسور. ويمنع من إمالة الألف حروف سبعة، هي: الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والقاف والخاء. وإذا كان حرف فيها قبل الألف والألف تليه وكذلك إذا كان حرف من هذه الأحرف بعد ألف تليها، مثل: ناقد، وبعد الألف بحرف، نحو: نانف. وبعد الألف بحرفين، نحو: مناشيط. وذلك لأنها حروف مستعلية إلى الحنك الأعلى، والألف إذا خرجت من موضعها استعلت إلى الحنك الأعلى، فإذا وقعت مع هذه الحروف غلبت هذه الحروف عليها.
(الكتاب ٢: ٢٥٩- ٢٦٧).
(٥- ٤) البقرة: ٢٥٣.
(٦) البقرة: ١٣٩.
(٧) النمل: ٣٦.
(٨) الحجر: ٥٤.