فمن ذلك قوله تعالى: (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) «١». و (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) «٢».
وقوله: زنت الأمة، وبغت الأمة، فحذفوا الألف المنقلبة عن اللام، لسكونها وسكون تاء التأنيث، ولما حركت التاء لالتقاء الساكنين لم ترد الألف ولم تثبت، كما لم تثبت في حال سكون التاء، وكذلك: لم يخف الرجل، ولم يقل القوم، ولم يبع. ومن ذلك قولهم: اضرب الاثنين، واكتب الاسم، فحركت اللام من «افعل» بالكسرة لالتقاء الساكنين ثم لما حركت لام المعرفة من «الاسم» «والاثنين» لم تسكن اللام من «افعل» كما لم تسكنها في نحو: اضرب القوم، لأن تحريك اللام لالتقاء الساكنين، فهي في تقدير السكون.
ومن ذلك قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) «٣»، وقوله: (حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) «٤»، وقوله: (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ) «٥»، وقوله: (أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ) «٦»، فحذفوا النون في هذه المواضع، كما حذفوا الألف والواو والياء السواكن إذا كنّ لا مات من حيث عودلن بالحركة، ولو كانت حركة النون معتدّاً بها لحذفت هي من دون الحرف، كما فعل ذلك بسائر الحروف المتحركة إذا لحقها الجزم، ويدل على
(٢) الأحقاف: ٢١.
(٣) التوبة: ٧٨.
(٤) البقرة: ١٠٢.
(٥) المنافقون: ٧.
(٦) يوسف: ٨٠.