وراء حجاب» متعلقا بمحذوف، ويكون الظرف في موضع حال، إلا أن قوله «إلا وحيا»، على هذا التقدير، مصدر في موضع الحال، كأنه: يكلمه الله إلا إيحاء، أي: موحيا، كقولك: جئتك ركضاً ومشياً، ويكون «من» في قوله «أو من وراء حجاب» في أنه في موضع حال، مثل «من» في قوله:
(وَمِنَ الصَّالِحِينَ) «١»، بعد قوله: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا) «٢».
فهذه مواضع وقعت فيها «في» ظرفا في موضع حال، كما وقع سائر حروف الجر. وعلى هذا الحديث المروى: «أدوا عن كل حرٍّ وعبدٍ من المسلمين»، ف «من المسلمين» حال من الفاعلين المأمورين المضمرين، كما أنه، أدوا كائنين من المسلمين، أي: أدوا مسلمين كما أن قوله:
«ومن الصالحين» معناه: يكلمهم صالحا. ومعنى «أو من وراء حجاب» في الوجه الأول: يكلمهم غير مجاهر لهم بالكلام من حيث لا يرى، كما يرى سائر المتكلمين، ليس اله حجاب يفصل موضعا من موضع، ويدل على تحديد المحجوب. هذا كلامه في «التذكرة». ومن هذا يصلح ما في «الحجة»، لأنه قال: ذلك الفعل «يرسل»، وقد أخطأ، والصحيح ذلك الفعل «يكلم».
وقال في موضع آخر: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ) «٣». قوله: «من وراء حجاب» في موضع نصب ب «أنه» في موضع الحال بدلالة عطفه على «وحيا»، وكذلك من رفع «أو يرسل رسولا فيوحى»، «أو يرسل» فى موضع نصب على الحال.

(٢- ١) آل عمران: ٤٦.
(٣) الشورى: ٥١.


الصفحة التالية
Icon