ألا ترى أصحابنا يعتقدون أن الفعل بعد «إذا» هذه في موضع اسم مجرور، ولذلك رفعوه، أعنى لوقوعه موقع الاسم.
فالجواب: أنا إنما ركبنا هذه الضرورة في اللفظ محافظة على صحة المعنى، وذلك إن «إذا» هذه واجبة، ألا تراهم يقولون: آتيك إذا احمرّ البسر، ولا يجيزون، آتيك أن احمر البسر، لأن احمرار البسر واقع لا محالة، و «إن» مشكوك في فعلها، يجوز وقوعه ولا يجب، و «متى» كان في ذلك ليست بواجبة الفعل، ألا ترى إلى قول طرفة:
متى تأتنا نصبحك كأساً روية | وإن كنت عنها غانياً فاغن وازدد «١» |
أي: فاثبت على حال غناك. وإذا كانت
«متى» لم يحسن أن تجعلها بدلا من
«إذا»، لأن
«إذا» معروفة مقصورة على موضع وواجبة، و
«متى» شائعة غير واجبة، فلو أبدلت
«متى» من
«إذا»، وهي على ما هي عليه من كونها واجبة مضافة، كنت قد أبدلت الأعم من الأخص، فكما لا يجوز: ضربت رأس زيد زيدا، على أن تبدل
«زيدا» من
«رأسه»، لما في ذلك من التراجع عن الخصوص إلى العموم، كذلك لا يحسن أن تبدل
«متى» من
«إذا» و
«إذا»، على معتاد حالها من كونها خالصة واجبة، فإذا لم يجز ذلك عدلت بها إلى إخلاصها واطرحها وإمحاضها شرطا البتة، فإذا حصلت له شاعت شيوع جميع حروف الشرط، وإذا شاعت فارقت موضعها من الإضافة وخلصت شرطا أن يحكم على موضع الفعل بعدها بالجزم في المعنى، وإن لم يظهر ذلك إلى اللفظ، وإذا كان كذلك حملت
«إذا» في بيت
«الهذلى» على أنها الجازمة في الضرورة، لما عليك