وحكاية الحالين الماضية، والآتية كثير في القرآن والشعر:
منه قوله تعالى: (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) «١»، فقال:
هذا وهذا، ولم يقل: أحدهما كذا والآخر كذا.
وكذا قول البريق الهذلي:
ونائحة صوتها رائع... بعثت إذا ارتفع المرزم «٢»
فقوله: بعثت إذا ارتفع المرزم، أي: كنت موصوفا بأنني أبعثها إذا ارتفع المرزم. وكذلك قول الشاعر:
جارية في رمضان الماضي... تقطع الحديث بالإيماض
فأما قول كثير:
فإذا وذلك ليس إلا حينه... وإذا مضى شيء كأن لم يفعل
حمل أبو الحسن «٣» هذا على الواو الزائدة، حتى كأنه قال: فإذا ذلك وليس إلا حينه، وأنشد هذا البيت نفسه، وأنشد معه بيتا آخر، وهو قول الشاعر:
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن... إلا كلمة حالم بخيال «٤»
وقال محمد بن يزيد: إن البصريين لا يرون زيادة الواو، وقد كان في الواجب أن يستثنى أبا الحسن. وأعلم أن «إذا» هاهنا هي المكانية التي للمفاجأة، ولا بد لها من ناصب تتعلق به، والناصب ما دل عليه قوله: «ليس

(١) القصص: ١٥.
(٢) المرزم: الغيث والسحاب الذي لا ينقطع رعده.
(٣) أبو الحسن: الأخفش الأصغر علي بن سليمان.
(٤) البيت لابن مقبل. واللمة: الشيء القليل. (اللسان: لمم).


الصفحة التالية
Icon