على ما أراده من وجوب طرح الرمح إذا لم يطعن به، كما قال:
فما تصنع بالسيف... إذا لم تك قتالا
ونحو قولك: أشكرك إذا أعطيتني، وأزورك إذا أكرمتني، أي: إذا أعطيتني شكرتك، وإذا أكرمتني زرتك، وقولك: أنت ظالم إن فعلت، أي: إن فعلت ظلمت، ودل «أنت ظالم» على، «ظلمت» وهذا باب واضح، وما ناب عن جوابهما في موضع جواب «إذا» الثانية، أي: نائب عنه ودال عليه، تلخيصه، أنه كأنه قال: إذا الخيل كرت وجب إلقائي الرمح مع تركى الطعن به. ومثله: أزورك إذا أكرمتني إذا لم يمنعني من ذاك مانع.
وأما قوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا) «١»، الفاء الأولى تكون جواب «إذا» لأن، «إذا» في اقتضائه الخبر بمنزلة «إن»، وقوله «فادفعوا» جواب «إن».
ومثل ذلك قوله تعالى: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) «٢»، في أن الجزاء وشرطه جواب الشرط.
وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) «٣»، جاز وقوع «إذا» هاهنا، لأن «الذين»، في موقع يصلح لوقوع الجزاء فيه، ألا ترى أن الفاء يدخل في جوابه/ وكأنه قال:
كالذين يقولون.

(١) النساء: ٦.
(٢) البقرة: ٣٨.
(٣) آل عمران: ١٥٦. [.....]


الصفحة التالية
Icon