وقوله: (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) «١»، وقوله: (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) «٢»، وقوله:
شاة زنماء، وأنملة، وإنما أظهروها مخافة أن يشتبه بالمضاعف.
فإن قال قائل: ولم جاز الإدغام في «انمحى»، وهلا بينت النون، فقيل:
انمحى، كما قالوا: زنماء، وزنم وكما قالوا: أنملة، وأنمار، ونحو ذلك؟ قيل:
قد كان القياس في زنماء وزنم، وأنملة وأنمار، ونحوها، أن تدغم النون في الميم، لأنها ساكنة قبل الميم، ولكن لم يجز ذلك لئلا تلتبس الأصول بعضها ببعض، فلو قالوا، زماء لالتبس بباب: زممت الناقة، ولو قالوا «أملة» لالتبس بباب «أملت»، ولو قالوا، أمار، لالتبس بباب «أمرت»، كما بينوا في نحو: منيه، وأنول، وقنوان، وقنو، لئلا يلتبس منه بباب، «مى»، و «أنول» يفعول وفوعل، من باب ما فاؤه همزة وعينه واو، و «قنوان» و «قنو» بباب، قو وقوة، فرفض الإدغام في هذا ونحوه مخافة الالتباس، ولم يخافوا في «امحى الكتاب»، أن يلتبس بشيء، ولأنه ليس في كلام العرب شيء على «افعل»، ولم يأت في كلامهم «نول» ساكنة بتشديد الفاء، ولهذا قال الخليل في «انفعل» من «وجلت» : أوجل، وقالوا من «رأيت» : ارأى، ومن «لحن» : الحن، لأنه ليس في الكلام «افعل»، ولم يأت في كلامهم نون ساكنة قبل راء ولا لام، نحو: قنر، وعنل، لأنه إن أظهره ثقل جدا، وإن أدغمه التبس بغيره، ومن أجل ذلك امتنعوا أن يبينوا مثل «عنسل» و «عنبس»، من شرب وعلم، وما كان مثلها بما عينه راء ولام، لأنه إن بين فقال: شنرب، وعنلم، ثقل جدا، وإن أدغم فقال: شرب، وعلّم، التبس بفعّل.
(٢) آل عمران: ١٥٢.