أي: ما وعده الرحمن، ولم يقل: ما موضع «ما»، وهو يتكلم على كلمات السورة.
فهذه آي كما تراها، ولعلها خفيت على أبي العباس والذاب عنه، لما يحملها على البدل.
قال أبو العباس: فى هاتين المسألتين: إن المبهم أخص من العلم، فوجب ألا يوصف به العلم، قياسا على قولك: مررت بالرجل أخيك، وذلك أن المضاف عند سيبويه أخص من الألف واللام، فمنع أن يوصف الألف واللام به لما كان أبهم منه، لقربه من النكرة، نحو: إني لأمر بالرجل مثلك وغيرك، فكذلك وجب ألا يوصف بالمبهم العلم، لكونه أخص منه، ولهذا المعنى قال من قال: إن «هذين» ليست تثنية «هذا»، لما كان في غاية المعرفة، وأجمعوا أن «الزيدين» تثنية «زيد»، والتثنية لا محالة توجب التنكير، فلما أجمعوا على جواز تثنية «زيد» واختلفوا في تثنية «هذا» علم أن هذا أخص، وجب ألا يجرى صفة على ما ليس بأخص منه، وهذا لأن البداية ينبغي أن تقع بالأخص، فإن عرف وإلا زيد ما هو أعم ليقع به البيان، وفي جواز: مررت بزيد هذا، عكس ذلك المعنى، فوجب ألا يجوز.
واحتج سيبويه بأن ذكر هذا وذاك بعد العلم وبعد صاحبك يذهب به مذهب الحاضر والشاهد والقريب، وكذلك مذهب البعيد أو المتنحى، / ولهذا قال سيبويه: وإنما صار المبهم بمنزلة المضاف لأنك تقرب به شيئا أو تباعده وتشير إليه، فإذا قيل: مررت بزيد هذا، وبصاحبك هذا، وكأنه قال: مررت بزيد الحاضر، ولم يغير هذا تعريف «زيد»


الصفحة التالية
Icon