واسمع في قوله: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) «١»، أي: إن ذلك منه.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) إلى قوله: (مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) «٢».
وقوله: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) إلى قوله: (لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) «٣».
ومنه: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) «٤».
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) «٥».
ظاهر هذه الآي أنه وضع الظاهر موضع المضمر، ألا ترى أنه قال في الأولى: (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) «٦» أي: مصدق له، ليعود الهاء إلى قوله (لَما آتَيْتُكُمْ)، فموضع «ما» موضع «الهاء». وكذلك في الآي بعدها تقديره، «إنا لا نضيع أجرهم»، فوضع الظاهر موضع المضمر. وقد قال «٧» : وتقول: ما زيد ذاهبا ولا محسنٌ زيدٌ، الرفع أجود وإن كنت تريد الأول، لأنك لو قلت: ما زيد منطلقا، «زيد» لم يكن حد الكلام وكان هاهنا ضعيفا، / ولم يكن كقولك: ما زيد منطلقا، هو لأنك قد استغنيت عن إظهاره، وإنما ينبغي لك أن تضمره ألا ترى أنك لو قلت: ما زيد منطلقا أبو زيد، لم يكن كقولك: ما زيدٌ منطلقا أبوه
(٦- ٢) آل عمران: ٨١.
(٣) الأعراف: ١٧٠.
(٤) يوسف: ٩٠.
(٥) الكهف: ٣٠.
(٧) يريد: سيبويه. (الكتاب ١: ٣٠).