لأنه يقال: يا أي هؤلاء، والأمر موقوف بعد.
وإن راجعنا مرة أخرى فربما يتضح لك أكثر من هذا إن شاء الله.
ومن ذلك قراءة من قرأ: (الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) «١»، بالنصب.
وقوله: (سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ)
«٢» بالنصب.
وقد قال في الكتاب «٣» : لو قلت: مررت برجل سواء أبوه وأمه، ومررت برجلٍ خير منك أبوه وأمه، فتجريه على الأول وتحمله فى الثاني، كان قبيحا، وهي لغة رديئة، قال: والوجه الرفع. انتهت الحكاية عنه.
ومعاذ الله أن تحمل قراءة بعض الأئمة على اللغة الرديئة، لا سيما وهم من السبعة. والوجه في ذلك أن تجعل «سواء». الذي هو مصدر. بمعنى الفاعل، أي: مستويا فيه العاكف والبادي، ومستويا محياهم ومماتهم، قال:
وهل كفلائي في الوفاء سواء
أي مستوون، لولا ذلك لم يقدم الجار عليه، ولما كان الأمر في نصب «سواء» كما زعمه سيبويه نصب من نصب «محياهم ومماتهم» إلى «سواء» في «محياهم ومماتهم»، كيلا يرفع به، فيكون على اللغة الرديئة، ولم ير موضع المصدر موضع الفاعل ابن عيسى ولا غيره، ممن نصب «محياهم ومماتهم».
ومن ذلك ما روى عن أبي عمرو. (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) «٤». بإدغام الحاء في العين، بعد إجماعهم على إظهار «عنهم».

(١) الحج: ٢٥.
(٢) الجاثية: ٢١.
(٣) الكتاب (١: ٢٢٩- ٢٣٠).
(٤) آل عمران: ١٨٥.


الصفحة التالية
Icon