وأما قوله: (وَالسَّماءِ وَما بَناها) «١»، وما بعدها، فقيل: «ما» مصدرية، أي: والسماء وبنائها، والأرض ودحوها، ونفس وتسويتها.
وقيل: «ما» بمعنى: من، أي: والسماء وخالقها، والأرض وداحيها، ونفس ومسويها.
نظيره: (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) «٢». قيل: أي: من على الأرض من الرجال والنساء. قيل: من طاب لكم. وقيل: ما يلحق هذا الجنس.
فأما قوله: (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) «٣». فحمله الفارسي على أنها موصولة قياساً على مذهب سيبويه، حين زعم أن الظرف لا يبنى على كلمة الشرط.
فقال: إذا قلت: إن عندنا رجل، إن زيد أو عمرو. والتقدير: إن كان زيد. ولم تقدر: إن عندنا زيد. ثم رأيت لعثمان وهو يتكلم على شبه الظرف بالفعل في قوله:
ففينا غواشيها
فزعم أن الظرف كالفعل حيث عطفه على الفعل في قوله «تقاسمهم»، ثم قال: ألا تراه، قال: (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) «٤» ففصل بكلمة الشرط بالظرف. ولا أدري أنسي قول سيبويه وقول صاحبه في قوله:
(لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) «٥» حين وفقنا بين قول سيبويه والمازني.
وأما قوله: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) «٦» فحمل الخليل «ما» على الاستفهام. لمكان «من» فى قوله: «من شيء». وحمله آخرون على «الذي».
ومثله: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ) «٧» يكون استفهاما ويكون موصولا.
(٢) الكهف: ٧.
(٤- ٣) النحل: ٥٣.
(٥) آل عمران: ٨١.
(٦) العنكبوت: ٤٢.
(٧) السجدة (ألم) : ١٧.