ومن ذلك قوله تعالى: (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) «١». الأصل في ألف التثنية أن تكون/ كعصا، ورحا، في الرفع والنصب والجر على صورة واحدة، لأن الحركة فيها مقدرة، كما هي فى ألف «عصا» و «رحا»، ولكنه جاء الاستعمال على قلبها ياء في النصب والجر حرصاً على البيان، إذ لم يكن هناك ما في المفرد من البيان، ألا تراك تقول: ضرب موسى العاقل عيسى الأديب، فيتبين الرفع بالصفة بعد الفاعل ونصبها بعد المفعول، وهذا المعنى لا يتأتى بالتثنية لو قلت: ضرب الزيدان العاقلان العمران القائمان، لم تتغير الصفة، فجاء قوله: (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) «٢» على الأصل الذي ينبغي أن يكون عليهم كما «استحوذ» «٣» على ذلك. وقوله: (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) «٤» ولم يكن كقوله: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) «٥»، وكقولهم: «عسى الغوير أبؤسا»، على الأصل، ولم يكن كالمستعمل في قوله تعالى: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) «٦» وكذلك جاء قول: تأبط شرا:
فأبت إلى فهمٍ ولم أك آئبا | وكم مثلها فارقتها وهي تصفر |
(٣) المجادلة: ١٩.
(٤) النساء: ١٤١.
(٥) الفاتحة: ٥.
(٦) النساء: ٨٤.