فى «ستغلبون» و «تحشرون»، فإن كان الكلام على الخطاب لم يجز فيما يكون فى تقدير ما يتلقى به القسم إلا الخطاب، كقوله: (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) «١» فهذا لا يجوز أن يكون إلا على الخطاب، لأن المأخوذ ميثاقهم مخاطبون، ولأنك إن حكيت الحال التي تكون للخطاب فيها فيما يأتى لم يجز أن تجعل المخاطبين كالغيب، كما جاز في الغيب الخطاب من حيث قدرت الحال التي يكون فيها الخطاب فيما يستقبل ألا ترى أنه لا يجوز أن تجعل المخاطبين غيباً فتقول: أخذنا ميثاقكم لا يسفكون لأنك إذا قدرت الحكاية كان/ التقدير: أخذنا ميثاقكم فقلنا لكم لا تسفكون، كان بالتاء ولم يجز بالياء، كما لا يجوز أن تقول للمخاطبين: هم يفعلون، وأنت تخاطبهم، وإن لم تقدر الحكاية فهو بالتاء، مذهب إذا قرب في ذلك غير الخطاب، فقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ) «٢» لا يخلو قوله: «تعبدون» من أن يكون حالا، أو يكون تلقى قسم، أو يكون على لفظ الخبر، والمعنى فيه معنى الأمر، أو تقدر الجار في «أن» فتحذفه ثم تحذف «أن».
فإن جعلته حالا جعلته على قول من قرأ بالياء، فقال: لا يعبدون، ليكون في الحال ذكر من ذي الحال.
فإن قلت: فإذا قرئ بالتاء فالمراد به هو: بنو إسرائيل، والحال مثل الصفة، وقد حملت الصفة في هذا النحو على المعنى.
فإن هذا قول، والأول أبين.

(١) البقرة: ٨٤.
(٢) البقرة: ٨٣.


الصفحة التالية
Icon