و «لي» في موضع الثاني وإذا كان بمعنى خلق لم يتعدّ إلّا إلى واحد نحو قوله: خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ [الأنبياء: ٣٣]. قالَ آيَتُكَ ابتداء. أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ خبره ويجوز رفع تكلّم بمعنى أنك لا تكلّم الناس مثل أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا [طه: ٨٩] والكوفيون يقولون: الرفع على أن تكون «لا» بمعنى ليس. ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ظرف وقد ذكرنا قول قتادة أن زكريّاء عوقب بمنع الكلام حين سأل وهذا قول مرغوب عنه لأن الله عزّ وجلّ لم يخبرنا أن زكرياء أذنب ولا أنه نهاه عن هذا، والقول فيه أن المعنى اجعل لي علامة تدلّ على كون الولد إذ كان ذلك مغيّبا عنّي. قال الأخفش: إِلَّا رَمْزاً استثناء ليس من الأول. قال الكسائي يقال: رمز يرمز ويرمز، وقرأ علقمة بن قيس «١» إِلَّا رَمْزاً «٢» وقرأ الأعمش إِلَّا رَمْزاً «٣» وهما اسمان والمسكّن المصدر.
وَسَبِّحْ أمر أي نزّه الله جلّ وعزّ عمّا يقول المشركون وقيل: سبّح أي صلّ ومنه فرغ فلان من سبحته. بِالْعَشِيِّ قيل: هو جمع وقيل: هو واحد والأولى أن يكون واحدا للمستقبل. قال الأصمعي: يقال: أنا آتيك عشيّ غد وأنا آتيك عشيّة اليوم وأتيته عشيّة أمس وعشيّ أمس.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٢]
وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢)
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ الطاء مبدلة من تاء لأن الطاء بالصاد أشبه.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٣]
يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)
يا مَرْيَمُ اقْنُتِي أمر فلذلك حذفت منه النون. وَاسْجُدِي عطف عليه يقال: سجد إذا تطامن وذلّ، وركع إذا انحنى، ومنه يقال: ركع الشيخ مع الراكعين يجوز أن يكون معناه اركعي مع الذين يصلّون في جماعة ويجوز أن يكون معناه كوني مع الراكعين وإن لم تصلّي معهم.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٤]
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)
ذلِكَ في موضع رفع أي الأمر ذلك فهو خبر الأمر ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء وخبره مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ. وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ «إذ» في موضع نصب أي: وما كنت لديهم ذلك الوقت أَقْلامَهُمْ جمع قلم من قلمه إذا قطعه
(٢) انظر مختصر ابن خالويه ٢٠، والمحتسب ١/ ١٦١ والبحر المحيط ٢/ ٤٧٢، وهي قراءة يحيى بن وثاب أيضا.
(٣) انظر مختصر ابن خالويه ٢٠، والبحر المحيط ٢/ ٤٧٢.