وكما قال: [الطويل] ٩٢-
وما بينها والكعب غوط نفانف «١»
وقال بعضهم وَالْأَرْحامَ قسم وهذا خطأ من المعنى والإعراب لأن الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدلّ على النصب روى شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن النذر بن جرير عن أبيه قال: كنت عند النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى جاء قوم من مصر حفاة عراة فرأيت وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم يتغير لما رأى من فاقتهم ثم صلّى الظهر وخطب الناس فقال: «يا أيّها الناس اتّقوا ربّكم والأرحام، ثم قال تصدّق رجل بديناره تصدّق رجل بدرهمه تصدّق رجل بصاع تمره» «٢» وذكر الحديث فمعنى هذا على النصب لأنه حضّهم على صلة أرحامهم، وأيضا فلو كان قسما كان قد حذف منه لأن المعنى: ويقولون بالأرحام أي وربّ الأرحام: ولا يجوز الحذف إلّا أن لا يصحّ الكلام إلّا عليه. وأيضا فقد صحّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «من كان حالفا فليحلف بالله» «٣» فكما لا يجوز أن تحلف إلّا بالله كذا لا يجوز أن تستحلف إلّا بالله فهذا يرد قول من قال المعنى أسألك بالله وبالرّحم، وقد قال أبو إسحاق «٤» : معنى تَسائَلُونَ بِهِ تطلبون حقوقكم به ولا معنى للخفض على هذا. والرحم مؤنثة ويقال:
رحم ورحم ورحم ورحم. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً قال ابن عباس أي حفيظا. قال أبو جعفر: يقال: رقب الرجل وقد رقبته رقبة ورقبانا.
[سورة النساء (٤) : آية ٢]
وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢)
وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ مفعولان ولا يقال: يتيم إلّا لمن بلغ دون العشر، وقيل: لا يقال: يتيم إلا لمن لم يبلغ الحلم، يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يتم بعد بلوغ» «٥». وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ أي لا تأكلوا أموال اليتامى وهي محرّمة خبيثة وتدعوا الطّيب وهو مالكم ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أي

(١) الشاهد لمسكين الدارمي في ديوانه ص ٥٣ وفيه (تنائف) بدل (نفانف)، والحيوان ٦/ ٤٩٤، والمقاصد النحوية ٤/ ١٦٤، وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٤٦٥، وشرح الأشموني ٢/ ٤٣٠، وشرح عمدة الحافظ ٦٦٣، وشرح المفصّل ٣/ ٧٩، ولسان العرب (غوط)، وتاج العروس (غوط). وصدره:
«نعلّق في مثل السواري سيوفنا»
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٣٥٩، ومسلم في الزكاة ٧٠.
(٣) أخرجه الترمذي في النذور ٧/ ١٦، وابن ماجة في سننه- باب، حديث ٢٠٩٤، وأبو داود في سننه، الإيمان والنذور، حديث ٣٢٤٩، والدارمي في النذور ٢/ ١٨٥.
(٤) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٤٥٥، والبحر المحيط ٣/ ١٦٤.
(٥) أخرجه أبو داود في سننه ٢٨٧٣، والمتقي في كنز العمال ٩٠٤٩٩.


الصفحة التالية
Icon