وفيما فرض عليكم، وعند غيره التقدير أنّ الخبر فَعِظُوهُنَّ وقيل: «اللاتي» في موضع نصب على قراءة من قرأ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: ٣٨] فقول أبي عبيدة والفراء «١» تخافون بمعنى توقنون وتعلمون مردود غير معروف في اللغة وتخافون على بابه أي تخافون أن يكون منهم هذا لما تقدّم. فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ فيه ثلاثة أقوال: فمنها أن يهجرها في المضجع أي وقت النوم، وقيل:
المعنى وبيّنوا عليهنّ بكلام غليظ وتوبيخ شديد من قولهم: أهجر إذا أفحش لأن أبا زيد حكى: هجر وأهجر، وقال صاحب هذا القول: النشوز التنحية عن المضجع فكيف يهجرها فيما تنحّت عنه، والقول الثالث: إنّ حفص بن غياث روى عن الحسن بن عبيد عن أبي الضحى عن ابن عباس في قول الله جلّ وعزّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ «٢» قال: هذا كلّه في أمر المضجع فإن رجعت إلى المضجع لم يضربها. قال أبو جعفر: وهذا أحسن ما قيل في الآية أي اضربوهنّ من أجل المضاجع كما تقول: هجرت فلانا في الكذب.
[سورة النساء (٤) : آية ٣٥]
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (٣٥)
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما شرط. فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها جوابه.
إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما قيل الضميران للحكمين لأنهما إذا أرادا الإصلاح قصدا الحق فوفّقهما الله جلّ وعزّ: وقيل: الضميران للزوجين لأنه لا يقال: حكم إلّا لمن يريد الصلاح، وقيل: الضمير الأول للحكمين والثاني للزوجين.
[سورة النساء (٤) : آية ٣٦]
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (٣٦)
وَاعْبُدُوا اللَّهَ أمر فلذلك حذفت منه النون. وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً نهي.
وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً مصدر. قال الفراء «٣» : ويجوز وبالوالدين إحسان «٤» ترفعه بالباء لأن الفعل لم يظهر. وَبِذِي الْقُرْبى خفض بالباء. وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى

(١) انظر معاني الفراء ١/ ٢٦٥، والبحر المحيط ٣/ ٢٥٢.
(٢) البحر المحيط ٣/ ٢٥٢.
(٣) انظر معاني الفراء ١/ ٢٦٦، وهذه قراءة ابن أبي عبلة.
(٤) انظر معاني الفراء ١/ ٢٦٧.


الصفحة التالية
Icon