فلما قلت: يؤمنون فزالت إحدى الهمزتين همزت على الأصل، وإن خفّفت قلت: يؤمنون بغير همز. ويؤمنون مثل يكرمون الأصل فيه يؤكرمون لأن سبيل المستقبل أن يكون زائدا على الماضي حرفا إلّا أنه حذف منه الزائد لأن الضمّة تدلّ عليه ولو جئت به على الأصل لاجتمعت الهمزات. والمضمر في يؤمنون يعود على الذين، وهذيل تقول: الّذون في موضع الرفع، ومن العرب من يقول: الذي في الجمع كما قال: [الطويل] ٥-

أو إنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد «١»
بِالْغَيْبِ مخفوض بالباء الزائدة والباء متصل بيؤمنون وَيُقِيمُونَ معطوف على يؤمنون والأصل يقومون قلبت كسرة على القاف فانقلبت ياء، الصَّلاةَ منصوبة بيقيمون، وجمعها صلوات، وصلاءة، وصلاوة. وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «ما» في موضع خفض بمن وهي مصدر لا يحتاج إلى عائد، ويجوز أن يكون بمعنى الذي وتحذف العائد، والنون والألف رفع بالفعل والهاء والميم نصب به ومن متصلة بينفقون أي وينفقون مما رزقناهم.
[سورة البقرة (٢) : آية ٤]
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ عطف على الذين الأولين بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ «ما» خفض بالباء والضمير الذي في أنزل يعود على «ما» وهو اسم ما لم يسمّ فاعله والكاف خفض بإلى والأصل الاك أبدل من الألف ياء للفرق بين الألفات المتمكّنة، والتي ليست بمتمكنة ويلزمها الإضافة، وأجاز الكسائي حذف الهمزة وأن يقرأ: وما أنزلّيك، وشبّهه بقوله لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي [الكهف: ٣٨] قال ابن كيسان: ليس مثله لأنّ النون من لكن ساكنة واللام من أنزل متحركة. وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ عطف. وقَبْلِكَ مخفوض بمن والكاف خفض بإضافة قبل إليها. وَبِالْآخِرَةِ خفض بالباء والباء متعلقة بيوقنون وهُمْ رفع بالابتداء ويُوقِنُونَ فعل مستقبل في موضع الخبر.
[سورة البقرة (٢) : آية ٥]
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)
أُولئِكَ ابتداء والخبر عَلى هُدىً وأهل نجد يقولون: ألّاك «٢»، وبعضهم
(١) الشاهد للأشهب بن رميلة في خزانة الأدب ٦/ ٧، وشرح شواهد المغني ٢/ ٥١٧، والكتاب ١/ ١٨٧، ولسان العرب (فلج)، والمؤتلف والمختلف ص ٣٣، والمحتسب ١/ ١٨٥، والمقاصد النحوية ١/ ٤٨٢، والمقتضب ٤/ ١٤٦، والمنصف ١/ ٦٧، وللأشهب أو لحريث بن مخفض في الدرر ١/ ١٤٨، وبلا نسبة في الأزهية ص ٩٩، وخزانة الأدب ٢/ ٣١٥، والدرر ٥/ ١٣١، ورصف المباني ص ٣٤٢، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٣٧، وشرح المفصل ٣/ ١٥٥، ومغني اللبيب ١/ ١٩٤.
(٢) انظر همع الهوامع ١/ ٧٤.


الصفحة التالية
Icon