[سورة المائدة (٥) : آية ٢٤]

قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤)
أَبَداً ظرف زمان. فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ عطف على المضمر الذي في فَاذْهَبْ لأنك قد أكّدته، ويقبح عند البصريين أن تعطف على المضمر المرفوع إذا لم تؤكّده لأنه كأحد حروف الفعل إلا أنه جائز عندهم في الشعر وهو عند الفراء «١» جائز في كل موضع. إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ خبر إنّ، ويجوز في غير القرآن قاعدين على الحال لأن الكلام قد تمّ.
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٥]
قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥)
قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي الأصل إنّني حذفت النون لاجتماع النونات.
وَأَخِي في موضع نصب عطف على نفسي، وإن شئت كان عطفا على اسم إن، ويجوز أن يكون موضعه رفعا عطفا على الموضع، وإن شئت على المضمر، وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ فَافْرُقْ «٢» بكسر الراء ومعنى فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ اجعل دارنا الجنة ليكون بيننا وبينهم فرق.
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٦]
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦)
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ اسم «إن» وخبرها. ومعنى محرمة أنّهم ممنوعون من دخولها كما يقال: حرّم الله وجهك على النار. أَرْبَعِينَ سَنَةً ظرف زمان.
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٧]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)
وَاتْلُ أمر فلذلك حذفت منه الواو. أمر الله تعالى النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتلو على اليهود خبر ابني آدم إذ قرّبا قربانا وإن كان عندهم في التوراة ليعلمهم أنّ سبيلهم في عصيان الله تعالى وكفرهم بنبيه صلّى الله عليه وسلّم سبيل ابن آدم عليه السلام وأنهم ليسوا أكرم على الله من ابن آدم لصلبه وكان في ذلك دلالة على نبوته صلّى الله عليه وسلّم إذ كان لم يقرأ الكتب وأما قول عمرو مجاهد إنّ اللذين قرّبا قربانا من بني إسرائيل فغلط يدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ. قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أي من المتقين من المعاصي.
(١) انظر معاني الفراء ١/ ٣٠٤، والبحر المحيط ٣/ ٤٧١.
(٢) هذه قراءة عبيد بن عمير ويوسف بن داود، انظر البحر المحيط ٣/ ٤٧٢.


الصفحة التالية
Icon