[سورة المائدة (٥) : آية ٥٢]

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢)
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ أي في موالاتهم. فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أي بالنصر وهو نصب بأن فَيُصْبِحُوا عطف أي فأصبحوا نادمين على تولّيهم الكفار إذا رأوا نصر الله عزّ وجلّ للمؤمنين وإذا عاينوا عند الموت فبشّروا بالعذاب.
[سورة المائدة (٥) : آية ٥٣]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣)
قرأ أهل المدينة وأهل الشام «يا أيها الذين آمنوا» «١» بغير واو مرفوع لأنه فعل مستقبل، وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا «٢» بالواو والنصب عطفا على «أن يأتي» عند أكثر النحويين وإذا كان على هذا كان النصب بعيدا لأنه مثل قولك: عسى زيد أن يأتي ويقوم عمرو. وهذا بعيد جدا لا يصحّ المعنى عسى زيد أن يقوم عمرو، ولكن لو قلت: عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو كان جيدا ولو كانت الآية عسى الله أن يأتي بالفتح كان النصب حسنا وجوازه على أنه يحمل على هذا المعنى مثل قوله: [مجزوء الكامل] ١٢٢-
ورأيت زوجك في الوغا متقلّدا سيفا ورمحا «٣»
وفيه قول آخر تعطفه على الفتح كما قال: [الوافر] ١٢٣-
للبس عباءة وتقرّ عيني أحبّ إليّ من لبس الشّفوف «٤»
وقرأ الكوفيون وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا بالرفع على القطع من الأول. أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ أي قالوا إنّهم ويجوز أنّهم بأقسموا إنّهم ويجوز أنّهم بأقسموا فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ أي خاسرين للثواب.
(١) انظر البحر المحيط ٣/ ٥٢١، ومعاني الفراء ١/ ٣١٣.
(٢) انظر تيسير الداني ٨٢.
(٣) الشاهد بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١٠٨، وأمالي المرتضى ١/ ٥٤، والإنصاف ٢/ ٦١٢، وخزانة الأدب ٢/ ٢٣١، والخصائص ٢/ ٤٣١، وشرح شواهد الإيضاح ١٨٢، وشرح المفصل ٢/ ٥٠، ولسان العرب (رغب) و (زجج)، والمقتضب ٢/ ٥١. والشطر الأول:
«يا ليت زوجك قد غدا»
(٤) الشاهد لميسون بنت بحدل في خزانة الأدب ٨/ ٥٠٣، والدرر ٤/ ٩٠، وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٢٧٣، وشرح التصريح ٢/ ٢٤٤، وشرح شواهد الإيضاح ٢٥٠، وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٥٣، ولسان العرب (مسن)، والمحتسب ١/ ٣٢٦، ومغني، اللبيب ١/ ٢٦٧، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٩٧، وبلا نسبة في الكتاب ٣/ ٤٨، والأشباه والنظائر ٤/ ٢٧٧، وأوضح المسالك ٤/ ١٩٢، والجنى الداني ١٥٧، وخزانة الأدب ٨/ ٥٢٣، والردّ على النحاة ١٢٨، ورصف المباني ص ٤٢٣، وشرح الأشموني ٣/ ٥٣١.


الصفحة التالية
Icon