[سورة المائدة (٥) : آية ٥٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)يا أيّها الذين آمنوا من يرتدد منك عن دينه. هذه قراءة «١» أهل المدينة وأهل الشام، وقرأ أهل الكوفة وأهل البصرة مَنْ يَرْتَدَّ بفتح الدال لالتقاء الساكنين، ويجوز كسرها إلا أن الفتح اختير لأنه أخف، وقال الكوفيون: فتح لأنه بني على التشبيه من قولك: ردّا ولهذا عند الفراء فتح الفعل الماضي، ويرتدد أحسن لأن الحرف الثاني قد سكن. فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ في موضع النعت. أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ نعت أي يرؤفون بهم ويرحمونهم. أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يغلظون عليهم ويعادونهم، ويجوز «أذلّة» بالنصب على الحال أي يحبّهم ويحبّونه في هذا الحال. يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ فدلّ بهذا على تثبيت إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لأنهم الذين جاهدوا في الله في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعد موته. ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ابتداء وخبر. وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ أي واسع الفضل عليم بمصالح خلقه.
[سورة المائدة (٥) : آية ٥٥]
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥)
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ابتداء وخبر. وَرَسُولُهُ عطف. وَالَّذِينَ آمَنُوا كذلك ثم نعتهم فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا أن محمد بن علي أبا جعفر سئل عن معنى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا هل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ فقال: علي من المؤمنين «٢»، يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين وهذا قول بين لأن الذين لجماعة المؤمنين وهذا في تولّي المؤمنين بعضهم بعضا وليس هذا من الإمامة في شيء يدلّ على ذلك أن هذا التولّي في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعنى يقيمون الصلاة يأتون بها في أوقاتها بجميع حقوقها كما يقال: فلان قائم بعمله.
[سورة المائدة (٥) : آية ٥٦]
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦)
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مبتدأ، فقيل الخبر محذوف والتقدير: ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فهو من حزب الله وقيل هُمُ الخبر والْغالِبُونَ خبر ثان.
[سورة المائدة (٥) : آية ٥٧]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧)
(١) انظر تيسير الداني ٨٢، والبحر المحيط ٣/ ٥٢٣.
(٢) انظر البحر المحيط ٣/ ٥٢٥.
(٢) انظر البحر المحيط ٣/ ٥٢٥.