أشيئاء على وزن أشيعاع كما يقال: هين وأهوناء. قال أبو حاتم: أشياء أفعال مثل أنباء وكان يجب أن تنصرف إلا أنّها سمعت عن العرب غير معروفة فاحتال لها النحويون باحتيالات لا تصحّ. قال أبو جعفر: أصحّ هذه الأقوال قول الخليل وسيبويه والمازني ويلزم الكسائي وأبا عبيد ألّا يصرفا أسماء وأبناء لأنه يقال فيهما: أبناوات وأسماوات، حدّثني أحمد بن محمد الطبري النحوي يعرف بابن رستم عن أبي عثمان المازني قال:
قلت للأخفش: كيف تصغّر أشياء؟ فقال: أشياء فقلت له: يجب على قولك أن تصغّر الواحد ثم تجمعه فانقطع. قال أبو جعفر وهذا كلام بيّن لأن أشياء لو كانت أفعلاء ما جاز أن تصغّر حتى تردّ إلى الواحد، وأيضا فإن فعلا لا يجمع على أفعلاء، وإمّا أن يكون أفعالا على قول أبي حاتم فمحال لأن أفعالا لا يمتنع من الصرف وليس شيء يمتنع من الصرف لغير علّة، والتقدير لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها إن تبد لكم تسؤكم، وأحسن ما قيل في هذا ما رواه أبو هريرة رحمه الله أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم:
من أبي؟ فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ فالمعنى على هذا لا تسألوا عن أشياء مستورة قد عفا الله عنها بالتوبة إن تبد لكم تسؤكم وعلم الله جلّ وعزّ أن الصلاح لهم أن لا تسألوا عنها، وقيل هذه أشياء عفا الله عنها كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الحلال بيّن والحرام بيّن وأشياء سكت الله عزّ وجلّ عنها هي عفو» «١» ومعنى سكت الله عنها لم ينه عنها.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٢]
قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢)
أي ردّوا على أنبيائهم فقالوا ليس الأمر كما قلتم.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٥]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ.
إغراء لأن معنى عليكم: الزموا. لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ «٢» خبر ويجوز أن يكون جزما على الجواب أو على النهي يراد به المخاطبون كما يقال: لا أرينّك هاهنا وإذا كان جزما جاز ضمّه وفتحه وكسره، وحكى الأخفش لا يَضُرُّكُمْ «٣» جزما من ضار يضير.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)
(٢) هذه قراءة النخعي، انظر البحر المحيط ٤/ ٤٢.
(٣) انظر البحر المحيط ٤/ ٤٢.