الهاء لما كانت الهاء لازمة حركتها حرّكها بحركة أيّ النَّاسُ تابع لأيّ كالنعت كما ينعت، لا يجوز نصبه عند أبي العباس لأنه لا يستغنى عنه فصار كما تقول: يا ناس، اعْبُدُوا ألف وصل لأنه من يعبد وضممتها والأصل الكسر لئلا تجمع بين كسرة وضمة. قال سيبويه «١» : ليس في الكلام «فعل» وحذف النون للجزم عند الكوفيين ولأنه لم يضارع عند البصريين، رَبَّكُمُ نصب باعبدوا. الَّذِي نعت له. خَلَقَكُمْ في الصلة والكاف والميم نصب بالفعل. وَالَّذِينَ عطف على الكاف والميم. مِنْ قَبْلِكُمْ في الصلة. لَعَلَّكُمْ الكاف والميم اسم لعلّ. تَتَّقُونَ فعل مستقبل علامة رفعه النون وهو في موضع خبر لعل.
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٢]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً... الَّذِي: نعت لربكم وإن شئت كان نعتا للذي خلقكم، وصلح أن يقال نعت للنعت لأن النعت هو المنعوت في المعنى، ويجوز أن يكون منصوبا بتتقون، ويجوز أن يكون بمعنى أعني، وأن يكون في موضع رفع على أنه خبر ابتداء محذوف ويجوز «جعل لكم» «٢» مدغما لأن الحرفين مثلان قد كثرت الحركات، وترك الإدغام أجود لأنها من كلمتين. الْأَرْضَ فِراشاً مفعولان لجعل.
وَالسَّماءَ بِناءً عطف، والسماء تكون جمعا لسماوة وسماءة، وتكون واحدة مؤنّثة مثل عناق وتذكيرها شاذّ، وجمعها سماوات وسماءات وأسم وسمايا، وَالسَّماءَ: المطر، مذكّر، وكذلك السقف في المستعمل، وجمعها أسمية وسميّ وسميّ «٣». «وبناء» يقصر على أنه جمع بنية ومصدر، ويقال: بنيّ جمع بنية وفي الممدود في الوقف خمس لغات: أجودها و «السماء بناء» بهمزة بين ألفين ويجوز تخفيف الهمزة حتى تضعف، ويجوز حذفها لقربها من الساكن وهي بين ساكنين فإذا حذفتها حذفت الألف بعدها فقلت: «بنا» لفظه كلفظ المقصور، ومن العرب من يزيد بعده في صورته مدّة، ومنهم من يعوض من الهمزة ياء فيقول: بنيت بنايا، والبصريون يقولون: هو مشبّه بخطايا، والفراء يقول: ردت الهمزة إلى أصلها لأن أصلها الياء. وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً والأصل في ماء موه قلبت الواو ألفا لتحرّكها وتحرّك ما قبلها فقلت: ماه، فالتقى حرفان خفيّان فأبدلت من الهاء همزة لأنها أجلد وهي بالألف أشبه فقلت: ماء فالألف الأولى عين الفعل وبعدها الهمزة التي هي بدل من الهاء وبعد الهمزة ألف بدل من التنوين. قال أبو
(٢) انظر البحر المحيط ١/ ٢٣٧.
(٣) اللسان (سما).