ولا أعلم أنّ أبا إسحاق روى عن إسماعيل نحوا غير هذا الحرف. وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ خفض بمن وفتحت النون لالتقاء الساكنين.
[سورة البقرة (٢) : آية ٣٥]
وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥)
وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ «أنت» : توكيد المضمر، ويجوز في غير القرآن على بعد: قم وزيد. وَكُلا مِنْها حذفت النون لأنه أمر وحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال فحذفها شاذ. قال سيبويه «١» : ومن العرب من يقول: أوكل فيتمّ. رَغَداً نعت لمصدر محذوف أي أكلا رغدا. قال ابن كيسان: ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال. حَيْثُ شِئْتُما «حيث» مبنية على الضم لأنها خالفت أخواتها من الظروف في أنها لا تضاف فأشبهت قبل وبعد إذا أفردتا فضمّت. وحكى سيبويه «٢» : أنّ من العرب من يفتحها على كل حال. قال الكسائي «٣» : الضّمّ لغة قيس وكنانة والفتح لغة بني تميم. قال الكسائي: وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض وينصبونها في موضع النصب. قال سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف: ١٨٢] ويضمّ ويفتح ويقال: حوث. وَلا تَقْرَبا نهي فلذلك حذفت النون. هذِهِ الشَّجَرَةَ في موضع نصب بتقربا والهاء في هذه بدل من ياء، الأصل هذي، ولا أعلم في العربية هاء تأنيث مكسورا ما قبلها إلّا هاء هذه، ومن العرب من يقول: هاتا هند ومنهم من يقول: هاتي هند. وحكى سيبويه، هذه هند بإسكان الهاء. الشَّجَرَةَ نعت لهذه. فَتَكُونا جواب النهي منصوب على إضمار «أن» عند الخليل وسيبويه «٤»، وزعم الجرميّ: أنّ الفاء هي الناصبة، ويجوز أن يكون «فتكونا» جزما عطفا على تقربا.
[سورة البقرة (٢) : آية ٣٦]
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦)
فَأَزَلَّهُمَا من أزللته فزلّ، وفأزالها من أزلته فزال. الشَّيْطانُ رفع بفعله. وَقُلْنَا اهْبِطُوا حذفت الألف من اهبطوا لأنها ألف وصل وحذفت الألف من قلنا في اللفظ لسكونها وسكون الهاء بعدها. بَعْضُكُمْ مبتدأ. عَدُوٌّ خبره والجملة في موضع نصب على الحال، والتقدير وهذه حالكم وحذفت الواو لأن في الكلام عائدا كما يقال:
(٢) انظر الكتاب ١/ ٤٢. [.....]
(٣) انظر البحر المحيط ١/ ٣٠٦.
(٤) انظر الكتاب ٣/ ٢٧، ومعاني الفراء ١/ ٢٦، والبحر المحيط ١/ ٣١٠.