بيبيّن. بَقَرَةٌ صَفْراءُ لم تنصرف صفراء لأنّ فيها ألف التأنيث وهي ملازمة فخالفت الهاء لأن ما فيه الهاء ينصرف في النكرة. فاقِعٌ نعت. لَوْنُها رفع بفاقع.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧٠]
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠)
إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا ذكر البقر لأنه بمعنى الجميع. قال الأصمعي: الباقر جمع باقرة قال: ويجمع بقر على باقورة، وقرأ الحسن إنّ البقر تشّابه علينا «١» جعله فعلا مستقبلا وأنّثه والأصل تتشابه ثم أدغم التاء في الشين، وقرأ يحيى بن يعمر إن الباقر يشّابه علينا جعله فعلا مستقبلا وذكر الباقر وأدغم، ويجوز إنّ البقر تشابه علينا بتخفيف الشين وضم الهاء ولا يجوز يشابه علينا بتخفيف الشين وبالياء، وإنما جاز في التاء لأن الأصل تتشابه فحذفت لاجتماع التاءين. وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ خبر إنّ و «شاء» في موضع جزم بالشرط وجوابه عند سيبويه الجملة وعند أبي العباس محذوف.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧١]
قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)
قال الأخفش: «لا ذلول» نعت ولا يجوز نصبه. قال أبو جعفر: يجوز أن يكون التقدير لا هي ذلول، وقد قرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي «٢» لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وهو جائز على إضمار خبر النفي. تُثِيرُ الْأَرْضَ متصل بالأول على هذا المعنى أي لا تثير الأرض. وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ وزعم علي ابن سليمان أنه لا يجوز أن يكون تثير مستأنفا لأن بعده «ولا تسقي الحرث» فلو كان مستأنفا لما جمع بين الواو و «لا». مُسَلَّمَةٌ أي هي مسلّمة ويجوز أن يكون «مسلّمة» نعتا أي إنها بقرة مسلمة من العرج وسائر العيوب ولا يقال: مسلمة من العمل لأنه لا يصلح سالمة مما هو خير لها. لا شِيَةَ فِيها الأصل وشية حذفت الواو كما حذفت من يشي والأصل يوشي. قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فيه أربعة أوجه «٣» : الهمز كما قرأ الكوفيون قالُوا الْآنَ وتخفيف الهمزة مع حذف الواو لالتقاء الساكنين كما قرأ أهل المدينة قالُوا الْآنَ «٤» وحكى الأخفش «٥» وجهين آخرين: أحدهما إثبات الواو مع تخفيف الهمزة، قالوا لآن جئت بالحقّ أثبت الواو لأن اللام قد تحرّكت بحركة الهمزة ونظير هذا وأنه أهلك عادا لولا [النجم: ٥٠]

(١) انظر تفسير الطبري ١/ ٣٥٠.
(٢) أبو عبد الرّحمن السلميّ: عبد الله بن حبيب مقرئ الكوفة. إليه انتهت القراءة تجويدا وضبطا، أخذ القراءة عن علي بن أبي طالب وعثمان وابن مسعود (ت ٧٤ هـ). وترجمته في غاية النهاية ١/ ٣٤١.
(٣) انظر إملاء ما منّ به الرّحمن ١/ ٤٣، ٤٤، والبحر المحيط ١/ ٤٢٢.
(٤) انظر البحر المحيط ١/ ٤٢٢.
(٥) انظر إعراب القرآن ومعاوية للزجاج ١٢٢.


الصفحة التالية
Icon