على قراءة أهل المدينة وأبي عمرو، وقال أبو جعفر: سمعت محمد بن الوليد يقول:
سمعت محمد بن يزيد يقول: ما علمت أنّ أبا عمرو بن العلاء لحن في صميم العربية إلّا في حرفين أحدهما «عادا لولا» والآخر يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران: ٧٥] وإنّما صار لحنا لأنّه أدغم حرفا في حرف فأسكن الأول والثاني حكمه السكون وإنّما حركته عارضة فكأنه جمع بين ساكنين وحكى الأخفش قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فقطع الألف الأولى وهي ألف وصل كما يقال يا الله. قال أبو إسحاق «١» : الآن مبنيّ على الفتح وفيها الألف واللام لأن الألف واللام دخلت لغير عهد تقول: كنت إلى الآن هاهنا فالمعنى إلى هذا الوقت فبنيت كما بني هذا وفتحت النون لالتقاء الساكنين.
فَذَبَحُوها الهاء والألف نصب بالفعل والاسم الهاء ولا تحذف الألف لخفّتها وللفرق بين المذكر والمؤنث، وَما كادُوا يَفْعَلُونَ فعل مستقبل وأجاز سيبويه «٢» : كاد أن يفعل تشبيها بعسى.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧٢]
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً «إذ» ظرف معطوفة على ما قبلها. فَادَّارَأْتُمْ الأصل تدارأتم ثم أدغمت التاء في الدال ولم يجز أن تبتدئ بالمدغم لأنه ساكن فزدت ألف الوصل، وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ «ما» في موضع نصب بمخرج ويجوز حذف التنوين على الإضافة.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧٣]
فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)
كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى
موضع الكاف نصب لأنها نعت لمصدر محذوف ولا يجوز أن تدغم الياء في الياء من «يحيي» لئلا يلتقي ساكنان.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧٤]
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤)
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ تقول: قسا فإذا زدت التاء حذفت الألف لالتقاء الساكنين.
قُلُوبُكُمْ مرفوعة بقست. فَهِيَ كَالْحِجارَةِ والكاف في موضع رفع على خبر هي. أَوْ أَشَدُّ عطف على الكاف ويجوز أن «أشدّ قسوة» تعطفه على الحجارة قَسْوَةً على البيان. وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ «ما» في موضع نصب لأنها اسم إنّ، واللّام للتوكيد

(١) انظر إعراب القرآن ومعانيه ١٢٢.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ١٠.


الصفحة التالية
Icon