رفع على أنه خبر ثان. النَّاسَ السِّحْرَ مفعولان. بِبابِلَ لا ينصرف لأنه أعجمي معرفة. هارُوتَ وَمارُوتَ مثله والجمع هواريت مثل طواغيت، ويقال: هوارتة وهوار وموارتة وموار فاعلم ومثله جالوت وطالوت. وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ من زائدة للتوكيد والتقدير وما يعلمان أحدا. حَتَّى يَقُولا نصب بحتّى فلذلك حذفت منه النون ولغة هذيل وثقيف عتّى. فَلا تَكْفُرْ جزم بالنهي. فَيَتَعَلَّمُونَ أحسن ما قيل فيه أنه مستأنف، وقول الفراء «١» : أنه نسق على «يعلّمون» غلط لأنه لو كان كذا لوجب أن يكون فيتعلمون منهم، فقوله منهما يمنع أن يكون التقدير: «ولكن الشياطين كفروا يعلّمون الناس السحر فيتعلّمون» إلّا على قول من قال: الشياطين هاروت وماروت، وللفراء «٢» قول آخر قال: يكون محمولا على المعنى لأن معنى (فلا تكفر) فلا تتعلّم السحر أي فيأتون فيتعلّمون، وقيل: التقدير يعلّمان الناس فيتعلّمون. مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ في موضع نصب بيفرّقون وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ «من» زائدة وقول أبي إسحاق إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ: إلّا بعلم الله غلط لأنه إنما يقال في العلم: إذن وقد أذنت به إذنا ولكن لمّا لم يحل فيما بينهم وبينه وخلّوا يفعلونه كان كأنّه إباحة مجازا. وَلَقَدْ عَلِمُوا لام توكيد. لَمَنِ اشْتَراهُ لام يمين وهي للتوكيد أيضا، وموضع «من» رفع بالابتداء، لأنه لا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها ومن بمعنى الذي. قال الفراء: هي للمجازاة. قال أبو إسحاق: ليس هذا موضع شرط ومن بمعنى الذي كما تقول: لقد علمت لمن جاءك ما له عقل. ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ «من» زائدة، والتقدير ما له في الآخرة خلاق، ولا تزاد من في الواجب.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٠٣]
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣)
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا موضع أنّ موضع رفع أي لو وقع إيمانهم، ولَوْلا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا لأنها بمنزلة حروف الشرط إذ كانت لا بدلها من جواب وأن يليها الفعل. قال محمد بن يزيد: وإنما لم يجاز بها لأن سبيل حروف المجازاة كلّها أن تقلب الماضي إلى معنى المستقبل فلمّا لم يكن هذا في «لو» لم يجز أن يجازى بها. قال الأخفش سعيد: ليس «للو» هنا جواب في اللفظ ولكن في المعنى، والمعنى لأثيبوا.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٠٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا أمر فلذلك حذفت منه الياء، وأحسن ما
(٢) انظر البحر المحيط ١/ ٥٠٠. [.....]