أن يكون «مقام إبراهيم» الذي يصلّي إليه الأئمة الساعة وإذا كان كذا كان الأولى وَاتَّخِذُوا لحديث حميد عن أنس: قال أبو جعفر: وذلك الحديث لم يروه عن أنس إلّا حميد إلّا من جهة فضعف. وليس يبعد «واتّخذوا» على الاختيار ثم يكون قد عمل به، على أن حمّاد بن سلمة قد روى عن هشام بن عروة عن أبيه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر، وعمر رضي الله عنهما صدرا من خلافته كانوا يصلّون بإزاء البيت ثم صلّى عمر إلى المقام. قال أبو جعفر: «مقام» من قام يقوم يكون مصدرا واسما للموضع، ومقام من أقام وتدخلهما الهاء للمبالغة. وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ في موضع خفض ولم ينصرفا لأنهما أعجميان وما لا ينصرف في موضع الخفض منصوب لأنه مشبّه بالفعل والفعل لا يخفض هذا قول البصريين، وقال الفراء: كان يجب أن يخفض بلا تنوين إلّا أنهم كرهوا أن يشبه المضاف في لغة من قال: مررت بغلام يا هذا: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ يجوز أن تكون أن في موضع نصب والتقدير بأن، ويجوز أن لا يكون لها موضع تكون تفسيرا لقول سيبويه تكون بمعنى أي، ويقول الكوفيون: تكون بمعنى القول.
لِلطَّائِفِينَ خفض باللّام. وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ عطف. السُّجُودِ نعت.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٢٦]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ نداء مضاف. اجْعَلْ هذا سؤال ولفظه الأمر إلّا أنّه استعظم أن يقال له أمر. وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مفعول. مَنْ آمَنَ بدل من أهل وهذا بدل البعض من الكل. قالَ وَمَنْ كَفَرَ «من» في موضع نصب، والتقدير وارزق من كفر ودلّ على الفعل المحذوف فأمتّعه، ويجوز أن تكون من للشرط، وتكون في موضع نصب ويضمر الفعل بعدها. ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء والخبر «فأمّتعه».
وفي قراءة أبيّ فنمتّعه قليلا ثمّ نضطره «١»، وفي قراءة يحيى بن وثاب فأمتعه قليلا ثمّ اضطرّه «٢» بكسر الهمزة ورفع الفعل على لغة من قال: أنت تضرب، وروي عن ابن محيصن أنه كان يدغم الضاد في الطاء. قال أبو جعفر: وذا لا يجوز لأن في الضاد تفشّيا فلا تدغم في شيء ولكن يجوز أن تدغم الطاء فيها كما قالوا: اضّجع «وفمن اضّرّ». وحدثنا أحمد بن شعيب بن علي قال: أخبرني عمران بن بكار قال:
حدّثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال: حدثنا شعيب بن إسحاق عن هارون عن حنظلة عن الحارث بن أبي ربيعة قال: وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ «٣» قال أبو جعفر: وهذا
(٢) انظر البحر المحيط ١/ ٥٥٥، وهي قراءة الجمهور.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١/ ٧٨، والمحتسب ١/ ١٠٤، والبحر المحيط ١/ ٥٥٥.