ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا قال أبو جعفر: لا يجوز إضمار «أن» إلا بعوض ومن أضمرها فقد أضمر بعض اسم وقد شبّه الفراء هذا بقولهم: عسى يقوم زيد، وهو لا يشبهه لأن «أن» لو كانت هاهنا مضمرة لنصبت يقوم، وقد ذكرنا أنه من قرأ لا يُعْجِزُونَ «١» بكسر النون فقد لحن.
[سورة الأنفال (٨) : آية ٦٠]
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠)
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ كل ما تعدّه لصديقك من خير أو لعدوك من شر فهو داخل في عددك. وقرأ الحسن (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ) «٢» على التكثير، وقرأ بو عبد الرحمن عَدُوًّا لِلَّهِ «٣». وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ عطف على عدو ويجوز أن يكون عطفا على وأعدوا لهم بإضمار فعل.
[سورة الأنفال (٨) : آية ٦١]
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها لأن السلم مؤنّثة ويجوز أن يكون التأنيث للفعلة، وحكى أبو حاتم فَاجْنَحْ «٤» لها.
[سورة الأنفال (٨) : آية ٦٤]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤)
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ ابتداء وخبر أي كافيك الله، ويقال: أحسبه إذا كفاه وَمَنِ اتَّبَعَكَ في موضع نصب معطوف على الكاف في التأويل أي يكفيك الله ويكفي من اتّبعك كما قال: [الطويل] ١٧٤-
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا | فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد «٥» |
(٢) انظر مختصر ابن خالويه ٥٠.
(٣) انظر معاني الفراء ١/ ٤١٦.
(٤) انظر البحر المحيط ٤/ ٥٠٩.
(٥) الشاهد لجرير في ذيل الأمالي ١٤٠، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧/ ٥٨١، وسمط اللئالي ص ٨٩٩، وشرح الأشموني ١/ ٢٢٤، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٧٤، وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٠٠، وشرح عمدة الحافظ ٤٠٧، وشرح المفصل ٢/ ٥١، ولسان العرب (حسب) و (هيج)، و (عصا)، ومغني اللبيب ٢/ ٥٦٣، والمقاصد النحوية ٣/ ٨٤.
(٦) انظر البحر المحيط ٤/ ٥١١.