كثير بغير مدّ ولا همز قال أبو حاتم: قرأها ابن كثير بإسكان السين. قال أبو جعفر:
المعروف عن قراءة ابن كثير إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ على فعيل. قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا «١» وقرأ الكوفيون يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وقرأ الحسن وأبو رجاء يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا «٢» بضم الياء وكسر الضاد. والقراءات الثلاث كلّ واحدة منها تؤدي عن معنى. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم «أوتيت جوامع الكلم» «٣» فيضلّ به الذين كفروا، إلّا أنهم يحسبونه فيضلّون به، ويضلّ به الذين كفروا بمعنى المحسوب لهم، ويُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وقد حذف منه المفعول أي يضلّ به الذين كفروا من يقبل منهم. لِيُواطِؤُا نصب بلام كي فَيُحِلُّوا عطف عليه.
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨)
ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ الأصل تثاقلتم أدغمت التاء في الثاء لقربها منها فاحتجت إلى ألف الوصل لتصل إلى النطق بالساكن، والمعنى:
اثّاقلتم إلى نعيم الأرض وإلى الإقامة بالأرض، والتقدير أرضيتم بنعيم الدنيا من نعيم الآخرة. فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ابتداء وخبر.
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٩]
إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)
إِلَّا تَنْفِرُوا شرط فلذلك حذفت منه النون والجواب يُعَذِّبْكُمْ. وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً عطف. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ابتداء وخبر.
[سورة التوبة (٩) : آية ٤٠]
إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠)
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ شرط ومجازاة. إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ظرف.

(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٤٢، ومعاني الفراء ١/ ٤٣٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٥/ ٤٢، ومختصر ابن خالويه ٥٢.
(٣) أخرجه مسلم في المساجد ٧، ٨، وأحمد في مسنده ٢/ ٢٥٠، ٣١٤، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٧٢، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٧/ ١١٣، وأبو نعيم في دلائل النبوة ١/ ١٤، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٢٠٦٨. [.....]


الصفحة التالية
Icon