عنده رفع بالابتداء لا غير، وفي الخبر قولان: زعم الكسائي أن التقدير: الذين اتخذوا مسجدا لا تقم فيه أبدا أي لا تقم في مسجدهم كما قال: [السريع] ١٩٣-
من باب من يغلق من داخل «١»
قال: يريد من باب من يغلق بابه من داخل. قال أبو جعفر: هذا خطأ عند البصريين ولا يجوز في شعر ولا غيره ولو جاز هذا لقلت: الذي اشتريت عمرو بمعنى الذي اشتريت داره عمرو. قال أبو جعفر: يكون خبر الابتداء لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم. ضِراراً مصدر مفعول من أجله. وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً عطف كله.
[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٨]
لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)
لَمَسْجِدٌ ابتداء. أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى نعت. أَحَقُّ خبر الابتداء. أَنْ تَقُومَ فِيهِ في موضع نصب أي بأن تقوم فيه. قال سعيد بن المسيب: المسجد الذي أسّس على التقوى مسجد المدينة الأعظم، وروي عن ابن عباس أنه مسجد قباء، وكذا قال الضحاك وقد ذكرنا الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه سئل عنه فقال: هو مسجدي هذا. فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا قال الشّعبي: هم أهل مسجد قباء أنزل الله جلّ وعزّ فيهم هذا.
قال أبو جعفر: يكون على قول الشعبي فيه لمسجد قباء ويكون الضميران مختلفين، وقد يجوز أن يكونا متّفقين ويكونا لمسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٩]
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩)
أَفَمَنْ أَسَّسَ «٢» بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ من بمعنى الذي وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره خَيْرٌ، أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عطف على الأولى، وهذه قراءة زيد بن ثابت وبها قرأ نافع. وفيه أربع قراءات سوى هذه القراءة: قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو عمرو وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ بفتح الهمزة ونصب البنيان وهو اختيار أبي عبيد لكثرة من قرأ به وأن الفاعل
«أعوذ بالله وآياته... من باب من يغلق من خارج»
(٢) هذه قراءة نافع وابن عامر، انظر البحر المحيط ٥/ ١٠٣، وتيسير الداني ٩٨.