والتقدير مكروا. قال مجاهد: إذا لهم مكر في آياتنا استهزاء وتكذيب. قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ ابتداء وخبر. مَكْراً على البيان.
[سورة يونس (١٠) : آية ٢٢]
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢)
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ ابتداء وخبر، وفي يسيّركم معنى التكثير ويسيركم للقليل والكثير، وقرأ يزيد ابن القعقع هو الذي ينشركم «١» وهي المعروفة من قراءة الحسن، ويسيّركم أشبه بقوله جلّ وعزّ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ والْفُلْكِ يذكّر ويؤنّث ويكون واحدا وجمعا لفلك كما يقال: وثن ووثن. جاءَتْها الهاء تعود على الفلك ويجوز أن تعود على الريح الطيّبة رِيحٌ عاصِفٌ.
[سورة يونس (١٠) : آية ٢٣]
فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)
إِنَّما بَغْيُكُمْ رفع بالابتداء وخبره مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا «٢» ويجوز أن يكون خبره عَلى أَنْفُسِكُمْ وتضمر مبتدأ أي ذلك متاع الحياة الدنيا أو هو متاع الحياة الدنيا وبين المعنيين فرق لطيف إذا رفعت متاعا على أنه خبر بغيكم فالمعنى إنما بغي بعضكم على بعض مثل فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ [النور: ٦١] وكذا لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة ١٢٨] وإذا كان الخبر على أنفسكم فالمعنى إنما فسادكم راجع عليكم مثل وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها [الإسراء: ٧] وقرأ ابن أبي إسحاق مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا بالنصب على أنه مصدر أي تمتّعون متاع الحياة الدنيا.
[سورة يونس (١٠) : آية ٢٤]
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤)
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا ابتداء. كَماءٍ خبره والكاف في موضع رفع. أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ نعت لما. فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ عطف. حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ الأصل تزيّنت أدغمت التاء في الزاي وجيء بألف الوصل لأن الحرف المدغم مقام
(٢) انظر البحر المحيط ٥/ ١٤٣، وتيسير الداني ٩٩.