يقولون: ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا نصب على الحال ومثلنا مضاف إلى معرفة وهو نكرة يقدّر فيه التنوين كما قال: [الكامل] ٢١٠-
يا ربّ مثلك في النّساء غريرة «١»
وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا وهم الفقراء والذين لا حسب لهم والخسيسو الصناعات، وفي الحديث أنّهم كانوا حاكة وحجّامين، وكان هذا جهلا منهم لأنهم عابوا نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بما لا عيب فيه لأن الأنبياء صلوات الله عليهم إنّما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات وليس عليهم تغيير الصور والهيئات وهم يرسلون إلى النّاس جميعا فإذا أسلم منهم الذين لم يلحقهم من ذلك نقصان لأن عليهم أن يقبلوا إسلام كل من أسلم منهم بادِيَ الرَّأْيِ بدأ يبدو إذا ظهر كما قال: [الكامل] ٢١١-
فاليوم حين بدون للنّظّار «٢»
ويجوز أن يكون «بادي الرأي» من بدأ وخفّفت الهمزة، وحقّق أبو عمرو الهمزة فقرأ بادِيَ الرَّأْيِ «٣». قال أبو إسحاق: نصبه بمعنى في بادئ الرأي. قال أبو جعفر: لم يشرح النحويون نصبه فيما علمت بأكثر من هذا فيجوز أن يكون «في» حذفت كما قال جلّ وعزّ وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ [الأعراف: ١٥٥] ويجوز أن يكون المعنى اتباعا ظاهرا.
[سورة هود (١١) : آية ٢٨]
قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨)
وحكى الكسائي والفراء «٤» أَنُلْزِمُكُمُوها بإسكان الميم الأولى تخفيفا وقد أجاز سيبويه مثل هذا وأنشد: [السريع] ٢١٢-
فاليوم أشرب غير مستحقب | إثما من الله ولا واغل «٥» |
«بيضاء قد متّعتها بطلاق»
(٢) الشاهد من قصيدة للربيع بن زياد العبسي في مالك بن زهير العبسي في شرح ديوان الحماسة للتبريزي ٢/ ٩٩٦، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ١٠١٩، وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ١١١، والخصائص ٣/ ٣٠٠، وصدره:
«قد كنّ يخبأن الوجوه تستّرا»
(٣) انظر تيسير الداني ١٠١.
(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ١٢.
(٥) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ١٢٢، والكتاب ٤/ ٣١٩، وإصلاح المنطق ٢٤٥، والأصمعيات ١٣٠، وجمهرة اللغة ٩٦٢، وخزانة الأدب ٤/ ١٠٦، والدرر ١/ ١٧٥، ورصف المباني ٣٢٧، وشرح التصريح ١/ ٨٨، وشرح شواهد الإيضاح ٢٥٦، وشرح المفصل ١/ ٤٨، ولسان العرب (دلك) و (حقب)، و (وغل)، والمحتسب ١/ ١٥، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ٦٦، والاشتقاق ٣٣٧، والخصائص ١/ ٧٤، وهمع الهوامع ١/ ٥٤.