[سورة الأنعام (٦) : آية ٧٦]

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً مفعول. قالَ هذا رَبِّي ابتداء وخبر ومن أحسن ما قيل في هذا ما صحّ عن ابن عباس رحمه الله أنه قال في قول الله جلّ وعزّ نُورٌ عَلى نُورٍ [النور: ٣٥] قال: كذا قلب المؤمن يعرف الله جلّ وعزّ ويستدلّ عليه بقلبه فإذا عرفه ازداد نورا على نور وكذا إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم عرف الله عزّ وجلّ بقلبه واستدلّ عليه بدلائله فعلم أن له ربّا وخالقا فلما عرّفه الله جلّ وعزّ بنفسه ازداد معرفة فقال: أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ [الأنعام: ٨٠].
[سورة الأنعام (٦) : آية ٧٨]
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨)
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً نصب على الحال لأن هذا من رؤية العين. قالَ هذا رَبِّي قال الكسائي والأخفش: أي قال هذا الطالع ربي، وقال غيرهما: أي هذا الضوء قال أبو الحسن علي بن سليمان: أي هذا الشخص كما قال الأعشى «١» :[السريع] ١٣٣-
قامت تبكّيه على قبره من لي من بعدك يا عامر
تركتني في الدّار ذا غربة قد ذلّ من ليس له ناصر
[سورة الأنعام (٦) : آية ٧٩]
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)
أي قصدت بعبادتي وتوحيدي لله جلّ وعزّ وحده. وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسم «ما» وخبرها، وإذا وقفت قلت: أنا، زدت الألف لبيان الحركة ومن العرب من يقول «انه».
[سورة الأنعام (٦) : آية ٨٠]
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠)
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي قرأ نافع أتحاجّوني «٢» بنون مخفّفة، وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: هو لحن وأجاز سيبويه «٣» ذلك وقال: استثقلوا التّضعيف، وأنشد: [الوافر]
(١) البيتان بلا نسبة في أمالي المرتضى ١/ ٧١، والأشباه والنظائر ٥/ ١٧٧، والإنصاف ٢/ ٥٠٧، وسمط اللآلي ١/ ١٧٤، وشرح المفصل ٥/ ١٠١، ولسان العرب (عمر).
(٢) هذه قراءة ابن عامر أيضا، انظر البحر المحيط ٤/ ١٧٤، وتيسير الداني ٨٦.
(٣) انظر الكتاب ٤/ ٤.


الصفحة التالية
Icon