بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قال الأخفش: أي بوحينا إليك، هذَا الْقُرْآنَ نصب بأوحينا، وأجاز الفراء «١» الخفض قال: على التكرير وهو عند البصريين على البدل من «ما» وأجاز أبو إسحاق الرفع على إضمار مبتدأ. وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ أي من الغافلين مما عرّفناكه.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٤]
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤)
إِذْ في موضع نصب على الظرف. قالَ يُوسُفُ لم ينصرف لأنه عجميّ، وقرأ طلحة بن مصرّف إذ قال يؤسف بالهمز وكسر السين، وحكى أبو زيد «يوسف» بالهمز وفتح السين. لِأَبِيهِ خفض باللام وعلامة خفضه الياء والمحذوف منه واو يدلّ على ذلك أبوان. يا أَبَتِ «٢» بكسر التاء قراءة عاصم ونافع وحمزة والكسائي والأعمش، وقرأ أبو جعفر والأعرج وعبد الله بن عامر يا أَبَتِ بفتح التاء، وأجاز الفراء «يا أبت» بضم التاء. قال أبو جعفر: إذا قلت يا أبت بكسر التاء فالتاء عند سيبويه من ياء الإضافة ولا يجوز على قوله الوقف إلّا بالهاء، وله على قوله دلائل، منها أن قولك: «يا أبت» يؤدي عن معنى قولك: يا أبي، وأنه لا يقال: يا ابة إلّا في المعرفة، ولا يقال: جاءني أبة لا يستعمل العرب هذا إلا في النداء خاصة ولا يقال: يا أبتي لأن التاء بدل من الياء فلا يجمع بينهما، وزعم الفراء أنه إذا قال: يا أبت فكسر وقف على التاء لا غير لأن الياء في النية، وزعم أبو إسحاق أن هذا خطأ، والحق ما قال، كيف تكون في النية وليس يقال: يا أبتا فأما قولنا بكسر التاء ولم نقل بكسر الهاء فلأن الكسر إنما يقع في الإدراج ولو قلت: مررت بامرأة لقلت: علامة الخفض كسرة التاء ولا يقول كسرة الهاء إلا من لا يدري. ويا أبت بفتح التاء مشكل في النحو، وفيه أقوال:
فمذهب سيبويه «٣» أنهم شبهوا هذه الهاء التي هي بدل من الياء بالهاء التي هي علامة التأنيث فقالوا يا أبت كما قال: [الطويل] ٢٢٦-
كليني لهمّ يا أميمة ناصب «٤»
(٢) انظر تيسير الداني ١٠٣، ومعاني الفراء ٢/ ٣٢.
(٣) انظر الكتاب ٢/ ٢١٥. [.....]
(٤) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٤٠، والكتاب ٢/ ٢١١، والأزهيّة ٢٣٧، وخزانة الأدب ٢/ ٣٢١، والدرر ٣/ ٥٧، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٤٥، وكتاب اللامات ١٠٢، ولسان العرب (كوكب) و (نصب) و (أسس) و (شبع)، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٠٣، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ١٢١، وجمهرة اللغة ص ٣٥٠، ورصف المباني ١٦١، وشرح المفصل ٢/ ١٠٧، وعجزه:
«وليل أقاسيه بطيء الكواكب»