يدخل المميز هاهنا. وقال أبو جعفر: وذا لا يجوز عند البصريين أيضا، وقرأ أبو جعفر والحسن إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ «١» بإسكان العين، فزعم الأخفش والفراء أنهم استثقلوا الحركات فحذفوا لما كثرت. قال أبو جعفر: لم يذكر هذا سيبويه بل يجب على نصّ كلامه أن لا يجوز لأنه قال «٢» : أحد عشر مثل أحد جمل ولا يجوز عنده حذف الفتحة لخفتها. وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ عطف عليه. رَأَيْتُهُمْ توكيد، وقال: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ فجاء مذكّرا، فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لمّا خبّر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل جعل فيهما يكون لما يعقل.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٥]
قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥)
يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ نهي وظهر التضعيف لأنه قد سكن الثاني ويجوز الإدغام في غير القرآن والفتح والكسر والضم. رُؤْياكَ بالهمز والجمع رؤي. قال أبو حاتم: قال يعقوب قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله أهل الحجاز لا يهمزون «رؤيا» وبكر وتميم تهمزها. قال أبو حاتم: ويقال «٣» : ريا بقلب الواو ياء والراء مضمومة ويقال: ريّا بكسر الراء. فَيَكِيدُوا جواب النبي بالفاء وقد ذكرناه. كَيْداً مصدر إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ اسم «إنّ» وخبرها وجمع عدوّ اعداء، وكان سبيله أن يجمع على فعول فاستثقل ذلك فيه.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٦]
وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)
وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ الكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف وكذلك الكاف في كَما أَتَمَّها، و (ما) كافة.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٧]
لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧)
قرأ أهل المدينة وأهل البصرة وأهل الكوفة لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ وقرأ أهل مكة آية للسائلين «٤» على واحدة، واختار أبي عبيد «آيات» قال: لأنها عبر كثيرة. قال أبو جعفر: «آية» هاهنا قراءة حسنة أي لقد كان في الذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبّروا به لأنهم سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو بمكة فقالوا: خبّرنا
(٢) انظر الكتاب ٤/ ٣٧.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٥.
(٤) انظر تيسير الداني ١٠٤.