عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر فبكى عليه حتّى عمي ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ولا ممن يعرف خبر الأنبياء وإنما وجّه اليهود إليه من المدينة يسألونه عن هذا فأنزل الله عزّ وجلّ سورة يوسف جملة واحدة فيها كل ما في التوراة من خبره وزيادة فكان ذلك آية للنبي صلّى الله عليه وسلّم بمنزلة إحياء عيسى صلّى الله عليه وسلّم الميّت.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٨]
إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨)
إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ رفع بالابتداء وهذه لام التوكيد. وَأَخُوهُ عطف عليه. أَحَبُّ إِلى أَبِينا خبره، ولا يثنى ولا يجمع لأنه بمعنى الفعل.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٩]
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩)
أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً نصب «أرضا» على حذف «في» لا على الظرف لأنها غير مبهمة، وأنشد سيبويه فيما حذف منه في: [الكامل] ٢٢٧-
لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه | فيه كما عسل الطّريق الثّعلب «١» |
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠]
قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠)
قرأ أهل مكة وأهل البصرة وأهل الكوفة فِي غَيابَتِ الْجُبِّ «٢» وقرأ أهل المدينة في غيابات الجبّ «٣» وأجاز أبو عبيد التوحيد لأنه على موضع واحد ألقوه فيه فأنكر الجمع لهذا. قال أبو جعفر: هذا تضييق في اللغة، وغيابات على الجمع، ويجوز من جهتين: حكى سيبويه: سير عليه عشيّانات وأصيلانات، يريد عشيّة وأصيلا فجعل كل وقت منها عشيّة وأصيلا، وكذا جعل كلّ موضع ما يغيب غيابة ثم جمع، والوجه الآخر أن يكون في الجبّ غيابات جماعة. ويقال: غاب يغيب غيبا وغيابة وغيابا كما قال:
[الطويل] ٢٢٨-
ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث | إلى ذا كما ما غيّبتني غيابيا «٤» |
(٢) انظر تيسير الداني ١٠٤.
(٣) انظر البحر المحيط ٥/ ٢٨٥.
(٤) الشاهد لابن أحمر في ديوانه ص ١٧١، والأزهيّة ١١٥، وخزانة الأدب ٥/ ٩، وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٤٨٣، والخصائص ٢/ ٤٦٠، والمحتسب ٢/ ٢٢٧.