بالعادة، وليس هذا بمخالف للحديث تكلّم أربعة وهم صغار منهم صاحب يوسف يكون بمعنى صغير وليس بشيخ، وفي هذا دليل آخر بيّن وهو أن ابن عبّاس رحمه الله هو الذي روى الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد تواترت الرواية عنه أن صاحب يوسف ليس بصبي. إِنْ كانَ قَمِيصُهُ في موضع جزم بالشرط، وفيه من النحو ما يشكل. يقال: حروف الشرط تردّ الماضي إلى المستقبل، وليس هذا في كان. فقال المازني: القول مضمر، وقال محمد بن يزيد هذا لقوّة كان فإنه يعبر بها عن جميع الأفعال. وقال أبو إسحاق:
المعنى: إن يكن أي إن يعلم فالعلم لم يقع وكذلك الكون لأنه يؤدي عن العلم قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فخبّر عن كان بالفعل الماضي، كما قال زهير: [الطويل] ٢٣٢-
وكان طوى كشحا على مستكنّة | فلا هو أبداها ولم يتقدّم «١» |
[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٩]
يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩)
يُوسُفُ نداء مفرد أي يا يوسف.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٣٠]
وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠)
وَقالَ نِسْوَةٌ ويقال: نسوة، والجمع الكثير نساء، وحكي «قد شغفها» بكسر الغين. ولا يعرف في كلام العرب إلّا «شغفها» بفتح الغين، وكذا قَدْ شَغَفَها أي تركها مشغوفة. إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ
أي في هذا الفعل. وهذه لام توكيد ولا تقع في الماضي هاهنا إلّا أن الأخفش أجاز: إنّ زيدا لنعم الرجل لأن نعم لا تتصرّف.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٣١]
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١)
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أي بعيبهن إياها واحتيالهنّ في ذمها أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ في الكلام حذف أي أرسلت إليهنّ تدعوهن إلى وليمة لتوقعهنّ فيما وقعت فيه. وَأَعْتَدَتْ من
(١) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوان ص ٢٢، والأزهيّة ص ١٥٨، وخزانة الأدب ٤/ ٣، ولسان العرب (طوى)، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧/ ٥٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٥/ ٢٩٧، والمحتسب ١/ ٣٣٨.
(٢) انظر البحر المحيط ٥/ ٢٩٧، والمحتسب ١/ ٣٣٨.