لثقلها ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى ذا نكد وقرأ أبو جعفر إِلَّا نَكِداً فهذا مصدر بمعنى ذا نكد كما قال الخنساء: [البسيط] ١٥٣-
فإنّما هي إقبال وإدبار «١»
[سورة الأعراف (٧) : آية ٥٩]
لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩)
لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ الفاء تدلّ على أنّ الثاني بعد الأول يا قَوْمِ نداء مضاف ويجوز يا قومي على الأصل. اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هذه قراءة أبي عمرو وشيبة ونافع وعاصم وحمزة، وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش والكسائي وأبو جعفر غيره «٢» بالخفض وهو اختيار أبي عبيد. قال أبو عمرو: ولا أعرف الجر ولا النصب وقال عيسى بن عمر: النصب والجر جائزان. قال أبو جعفر: والرفع من جهتين: إحداهما أن يكون «غير» في موضع «إلّا» فتقول ما لكم إله إلّا الله وما لكم إله غير الله فعلى هذا الوجه لا يجوز الخفض لا يجوز: ما جاءني من أحد إلّا زيد لأن من لا يكون إلّا في الواجب. قال سيبويه: لأن «على» و «عن» لا يفعل بهما ذلك أي لا يزادان البتّة ثم قال: ولا «من» في الواجب، والوجه الآخر في الرفع أن يكون نعتا على الموضع أي ما لكم إله غيره والخفض على اللفظ، ويجوز النصب على الاستثناء وليس بكثير غير أنّ الكسائي والفراء أجازا نصب «غير» في كلّ موضع يحسن فيه «إلّا» في موضعها تمّ الكلام أو لم يتمّ، وأجازا ما جاءني غيرك. قال الفراء: هي لغة بعض بني أسد وقضاعة وأنشد: [البسيط] ١٥٤-
لم يمنع الشّرب منها غير أن هتفت | حمامة في سحوق ذات أو قال «٣» |
(٢) انظر البحر المحيط ٤/ ٣٢٤.
(٣) الشاهد لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه ص ٨٥، وجمهرة اللغة ١٣١٦، وخزانة الأدب ٣/ ٤٠٦، والدرر ٣/ ١٥٠، ولأبي قيس بن رفاعة في شرح أبيات سيبويه ٢/ ١٨٠، وشرح شواهد المغني ١/ ٤٥٨، وشرح المفصل ٣/ ٨٠، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤/ ٦٥، والإنصاف ١/ ٢٨٧، وخزانة الأدب ٦/ ٥٣٢، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٠٧، وشرح التصريح ١/ ١٥، وشرح المفصّل ٣/ ٨١، والكتاب ٢/ ٣٤٤، ولسان العرب (نطق)، ومغني اللبيب ١/ ١٥٩، وهمع الهوامع ١/ ٢١٩.